للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن جانبٍ آخر يُقرِّر ابنُ القيِّم رحمَه اللهُ (١) أن علماءَ السوءِ كلَّما عَمَدُوا إلى تحليلِ ما حرَّمَ اللهُ تعالى بأدنى الحِيَلِ كان ذلك سببًا في الصدِّ عن دينِ الله تعالى وامتناعِ الكثيرِ من الدخولِ فيه.

وفي مقابلة يُقرر شيخُه شيخُ الإسلام أن الإصرارَ والأغلالَ التي على أهلِ الكتاب، وإذلالَ المسلمين لهم، وأَخْذَ الجزيةِ منهم، قد يكون داعيًا لهم أن يَنظُروا في اعتقادِهم، هل هو حقٌّ أم باطل، حتى يتبينَ لهم الحقُّ، وقد يكون مُرغِّبًا لهم في الخروجِ من هذا البلاءِ، وقد يكون أسْرُهم - من قِبَلِ المسلمين - داعيًا لهم للنظرِ في محاسنِ الإسلام (٢).

إخوةَ الإسلام: وهنا لا بدَّ من التنبيهِ إلى أنه ليسَ من لوازمِ الولاءِ والبراءِ سوءُ المعاملةِ إنْ بالقولِ أو بالفعل، ولا التسلطُ والإيذاءُ - دون هدفٍ - بل إن حُسنَ التعامُلِ - دون تنازلٍ -، والعزةَ - دون استكبارٍ - والمداراةَ - دون المداهنةِ - والدعوةَ بالحكمةِ والموعظةِ الحَسَنة، والمجادلةَ بالتي هي أحسنُ - كلُّ ذلك يدعو غيرَ المسلمين للنظرِ في الإسلام، وكم من شعوبٍ دخلتِ الإسلامَ لإعجابِهم بأخلاقِ المسلمين وحُسْنِ تعاملِهم؛ وفي قصة ثُمامةَ بن أُثَالٍ رضي الله عنه - في السيرة - أو غيرِه ممن أَسلمَ من الأُممِ والشعوبِ عبرَ التاريخ عِبرةٌ لمن تأمَّلَ، ومعالمُ تُضيءُ الطريقَ لك.

ثامنًا: وفي سبيلِ المواجهةِ مع أعدائِنا علينا أن نُفكِّرَ ونختارَ سُبُلَ المواجهةِ التي أعدَدْنا العُدَّةَ لها، وألا نَدَعَ الفرصةَ للعدوِّ ليختارَ نوعَ المعركةِ وزمانَها التي يريدُ، وقد لا نكونُ على استعدادٍ لخوضِها - لسببٍ أو لآخرَ -، لكن إذا فَرَضَ


(١) في إعلام الموقعين ٣/ ٤١.
(٢) جامع الرسائل ٣/ ٢٣٨ بتصرف. وانظر مقال د. عبد العزيز العبد اللطيف في جريدة البيان، رمضان ١٤٢٢ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>