للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العدوُّ علينا المعركةَ - دون استعجالٍ منا - فعلينا ألا نتخاذلَ ونتلاومَ، بل نُسارِعُ لجميعِ القُوى واستنهاضِ الهِمَمِ، واستثمارِ الطاقات .. وعلينا كذلك - حينُ تُفرَضُ المعركةُ علينا - أن نُكثِّرَ جَمْعَنا بالإيمانِ واليقين، وأن نزيدَ من فاعليتِنا بالمَشُورة وتأليفِ القلوب، وجمعِ الكلمة، وألا تكونَ أفعالُنا وخطواتُنا ردودَ أفعالٍ بل خطواتٍ مدروسةً وبرامجَ وخِططًا - طويلةَ المدى، وساريةَ المفعولِ ولا يمنعُ ذلك من استخدامِ مسكِّناتٍ عاجلةِ المفعول حين تتصاعدُ الأزْمةُ.

إن المعركةَ بيننا وبينَ أعداءنا طويلةُ الأجل، ولا ينبغي أن نستعجلَ النصرَ قبل أن نستعدَّ له، وليس بالضرورةِ - أن يتحققَ النصرُ على أيدينا - بل إنَّ من مسئوليتِنا أن نُسلِّمَ الأجيالَ بعدَنا رصيدًا من البرامجِ المدروسة ليقوموا بتنفيذِها في وقتِها، وعلى هذه الأجيالِ أن تُحسِنَ التعاملَ مع هذه البرامجِ، وأن تستمرَّ في تطويرِها ومتابعةِ رسمِ البرامج بعدها، وأن يجدوا في تاريخِنا نماذجَ وطرائقَ لجهادِ الأعداء بكل وسيلةٍ ممكنة.

إنَّ من الخللِ أن نتَّهمَ دينَنا أو مناهجَنا - كلَّما حلَّتْ بنا مصيبةٌ - ومن الهزيمةِ أن يُوحيَ إلينا أعداؤنا ضرورةَ التغيير في هذه المناهجِ، لا إلى الأحسنِ بل لتفريغِها من محتواها العَقَديِّ والجهادي - مما يتخوَّفُ له الأعداءُ، وكم تُصابُ الأمةُ في مَقْتَلها حين يكونُ من أبنائِها مَن يُروِّجون لدعاوى الأعداءِ ويُحسِّنون للأُمة ما يريدُه الأعداءُ، ونحن في زمنٍ باتتْ هويةُ الأُمةِ جزءًا من كيانِها وسببًا لبقائها، والأعداءُ حين أفلسوا في سَحْقِ المسلمين عسكريًا باتوا يُخطِّطون لسحقِهم معنويًا، وإذا عُنيَ اليهوديُّ والنصرانيُّ والبُوذيُّ والشيوعيُّ وأشباهُهم بدياناتِهم ولغتِهم .. فهل يضعفُ أهلُ الإسلام وأصحابُ لغةِ القرآن عن أصَالتِهم ويستجيبوا لتوصياتِ أعدائِهم وأهوائِهم {قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى} (١).


(١) سورة البقرة، الآية: ١٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>