ونحنُ لا نتعاملُ مع المرأةِ -دائمًا- على أنها فتنةٌ، بل عضوٌ صالحٌ في المجتمع، في إطارِ القِيَمِ العاليةِ وتعاليمِ الشريعة السَّمْحة، ولكنَّ هؤلاء يُريدونَها فتنةً وعارضةَ أزياء؟
إنَّ غَيْرتَنا على المحارمِ لا تَقِلُّ بل تزيدُ وتُهذِّب من غَيْرةِ الرجلِ الجاهليِّ الذي كان يتصرَّفُ خطأً وجهلًا بقتِلها خَشْيةَ العارِ أو خشيةَ الفقر، وسلوا {بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ}(١) تجدونَ خلفَها شهامةً جاهليةً نريد نحنُ المسلمين أن نحميَها دُرَّةً مصونةً عن عَبَثِ العابثين، وحين نستنكرُ قتلَ أهلِ الجاهلية الأولى للمرأةِ قتلًا حِسِّيًا، فإننا نستنكرُ قتلَ الجاهليةِ المعاصرة لها قِيَميًّا وأخلاقيًا.
٣ - ومن واجبِنا أن تتظافرَ جهودُنا مع علمائِنا ومشايخِنا في الاستنكارِ والمدافعةِ لكلِّ باطل مُلبَّس، والعلماءُ -كِبارًا وصغارًا- يُوصُون الجميعَ هذه الأيامَ بالاستمرارِ في الإنكار، وإبلاغِ الصوتِ للمسؤولين- بعقلٍ وحِكْمة وقوةٍ واستمرار، لا يُضعِفُها عباراتُ التهدئة ولا يُخفِّفُ منها التصريحاتُ والمقابلاتُ المسكِّنة وقتيًا، فقد عوَّدَتْنا الأيامُ- أن يَهدأَ هؤلاء المُغرضون حين يتحرَّك الخيِّرون، ويَحُنون رؤوسَهم للعاصفة، وهم فيما بينهم يقولونَ: إنها مجرَّدُ عواطفَ ثم تنتهي، وحماسٌ وقتيٌ لا بدَّ أن نستَلَّه، ثم نمضي بعد حينٍ في مواصلةِ المَسِير، وتحقيقِ المخطَّطِ المرسوم خطوةً خطوةً، ومما يَسُّر ويُبطِلُ هذا الكيدَ المؤجَّل، ما فَهِمناه من العلماءِ أنهم سيستمرُّون على مواقفِهم القويةِ واستنكارِهم ولو طالَ الزمانُ حتى يُعادَ الحقُّ إلى نصابِه، ويُنزعَ فتيلُ الفتنةِ من جذورِه.
وأنتم معاشرَ المسلمين -بمواقفِكم واستمرارِ جهادِكم وتنوُّعِ جهودِكم- رافدٌ