للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما يعرضُها القرآنُ فهم أخصرُ وأبلغُ في التعبير.

نعم، لقد زُلزلَ المؤمنون لهذا التجمعِ العداونيِّ الغاشم، وزاغتِ الأبصارُ وبلغتِ القلوبُ الحناجرَ .. ولكنَّ الله تعالى اعتبرَها نعمةً على المؤمنين فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ} (١) الآية، وهلْ تكونُ البليةُ نعمةً؟ نعم لأنَّ بها يزدادُ رصيدُ المؤمنين وينكشفُ المنافقون ويُردُّ بأسُ الكافرينَ، ويتنزلُ نصرُ اللهِ ورحمتُه بعدَ البلاءِ والتمحيص.

أما المؤمنون- فرعمَ هولِ الموقفِ وزلزلته- فقدْ استبشروا باللقاءِ والكربِ لأنه طريقٌ إلى النصر {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} (٢).

لقد اتخذَ المؤمنونَ من شعورِهم بالزلزلةِ سببًا في انتظارِ النصر، ذلكَ أنهم صدَّقوا قولَ الله من قبل: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} (٣).

إخوةَ الإسلام: ومهما قيل عنْ أسبابِ النصرِ وعواملِ التمكينِ للمسلمينَ في الأرض، فالإيمانُ الحقُّ بدؤُها ونهايُتها وأولُها وآخرها، هو ضمانةٌ للنصر {وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} (٤).

ووعدٌ محققٌ بهِ للنصر {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} (٥) بسلاحِ الإيمانِ


(١) سورة الأحزاب، الآيات: ٩.
(٢) سورة الأحزاب، الآية: ٢٢.
(٣) سورة البقرة، الآية: ٢١٤.
(٤) سورة الصافات، الآية: ١٧٣.
(٥) سورة الروم، الآية: ٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>