للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمَّ تأملْ في مشهدِ الخلقِ الآخرِ في النبات، وكيفَ جعلَ من الطينِ والماءِ نباتًا جميلًا، فصارتْ له أزهارٌ تملأُ الأنوفَ عبيرًا أخَّاذًا، وثمارًا تملأُ القلوبَ بهجةً وجمالًا، ذلكَ هو الخلقُ العجيبُ وذلكَ هو الخلاقُ العليم، ومن هنا استحقَّ العبوديةَ والطاعة {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٢١) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُوا لِلّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} (١).

إنّ معرفةَ اللهِ تبدأُ بالشعورِ بالفرحِ بهِ تعالى ربًا خالقًا، والأُنسِ بهِ سبحانه إلهًا رحيمًا، فيمتلئُ القلبُ شوقًا إليه، ثمَّ تنشطُ الجوارحُ للسيرِ إلى بابهِ الكريم، والعروجِ إلى رضاه، عبرَ مدارجِ السالكين ومنازلِ السائرين، وكلما ازدادتْ معرفتهُ باللهِ زادَ أُنسهُ به، وكلَّما تعرفَ عليهِ زادَ في محبَّتهِ وطاعتهِ، وويلٌ لمن جهلَ ربَّه أو نسيَ ذكرَه، أو بارزَهُ بالمعصية، فذاكَ الذي يسيرُ في أرضٍ فلاةٍ مهلكةٍ، ولنْ يبالِ اللهُ به في أيِّ وادٍ هَلَكَ.

إخوةَ الإسلام: فإنْ قيل: فما السبيلُ للخروجِ من المأزقِ الذي تعيشُه الأمةُ؟

١ - لا بدَّ أنْ تتنادى الأمةُ عمومًا، وأخيارُها على الخصوصِ للنظرِ في هذهِ الأزمةِ والتشاورِ في المخرجِ منها، ومؤلمٌ أنْ يستنفرَ الأعداءُ قواهمْ والمسلمونَ غارقونَ في لهوهِمْ، غافلونَ عما يُرادُ بهم.

٢ - لا بدَّ منَ التعلُّق بأسبابِ النجاةِ منَ الإيمانِ واليقينِ والتوكلِ، فاللهُ يقول: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} (٢) ويقول: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا} (٣)،


(١) سورة البقرة، الآيتان: ٢١، ٢٢.
(٢) سورة الطلاق، الآية: ٣.
(٣) سورة الطلاق، الآية: ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>