واستجابَ النعمانُ لأمير المؤمنين وسار إلى أرضِ المعركةِ ومعه عددٌ من وجوهِ الصحابة فيهم: حُذَيفةُ بن اليَمانِ وعبدُ الله بنُ عمرَ، وجَرِيرُ بنُ عبدِ الله البَجَلِي، والمغيرةُ بن شُعْبة .. وسِواهم رضي الله عنهم أجمعين.
وحين وَصَلَ النعمانُ إلى (نهاوندَ) نظَّمَ أصحابَه وهم ثلاثون ألفًا، وجعلَ على المقدّمةِ نُعَيم بنَ مقرِّنٍ المُزَني، وعلى الميمنةِ حذيفةَ بنَ اليمانِ، وعلى الميسرةِ سُويدَ بن مقرِّن، وعلى الساقةِ مُجاشعَ بنَ مسعودٍ رضي الله عنهم، وابتدأت المعركةُ يومَ الأربعاءِ سنةَ إحدى وعشرين للهجرة- وكان الفُرسُ قد تحصَّنوا بخنادقَ حفروها وربطوا أنفسَهم بالسلاسل حتى لا يَفِرُّوا .. وفرقٌ بين أولئكَ الجبناءِ وهم في أرضِهم وبين طلائعِ الشهادةِ من المسلمين وقد وَطِئوا أرضَهم، أولئك الذي آلُوا على أنفسِهم أن يقتتِلوا مع عدوِّهم حتى يموتَ الأعجلُ منهما .. أو أن يُذعِنوا للإسلام الدينِ الحقِّ فيكونَ لهم ما للمسلمينَ وعليهم ما عليهم ..
وطال الحصارُ، واستشار النعمانُ قادتَه فأشاروا عليه باستدراج الفُرسِ والتظاهرِ بالهروب حتى إذا ابتعدَ الجندُ المُختَفُون عن حصونِهم وخنادقِهم نَشِبَت المعركةُ .. وقد كان .. فقد وافقَ النعمانُ على هذا الرأيِ وقال: إني مُكبِّرٌ ثلاثًا، فإذا كانت الثالثةُ فابدءوا القتالَ، ودعا النعمانُ ربَّه- وكان كما يقول الذهبي: مُجابَ الدعوة- فبماذا دعا؟ وكيف قال؟ لقد رفعَ يديهِ إلى السماء، وتعلَّق قلبُه بخالقِه وتاقت نفسُه إلى الجنة، وعزَّ عليه أن يُغلَبَ المسلمون ويُخذَلَ الإسلام وقال:«اللهم أعزَّ دينَك، وانصُرْ عبادَك، اللهم إني أسألُك أن تُقِرَّ عيني بفتحٍ يكون فيه عزُّ الإسلام واقبِضْني شهيدًا» وسمع الناسُ الدعاءَ فبكَوْا .. وحُقَّ