للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن صفاتهم الإيمان بالله ورسوله وكتبه المنزلة مع عدم كتمان شيء من الحق أو بيع الدين بالدنيا {وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله لا يشترون بآيات الله ثمنًا قليلاً} (١). ومن صفات الخاشعين في كتاب الله، يقينهم بلقاء ربهم، وأنهم إليهم راجعون، {واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون} (٢).

وكذلك فامتحن نفسك أيها الإنسان في الخشوع، وانظر قربك أو بعدك من هذه الصفات، وهل أنت من الخاشعين أم عدادك في الغافلين؟ .

يا أخا الإيمان وإن استهوتك منازل السالكين في الجنان، ورمت طريق الخاشعين فاعلم أنه يسير على من يسره الله عليه، لكنه محتاج في البداية إلى صبر وعزيمة وتجاوز للعقبات وسؤال الله الثبات .. وهاك تجربة العارفين بمدارج أحد السالكين يهديها لك الإمام ابن القيم حين يقول: «فالنفسن جبل عظيم شاق في طريق السير إلى الله. وكل سائر لا طريق له إلا على ذلك الجبل، فلابد أن ينتهي إليه .. وفي ذلك الجبل أودية وشعوب، وعقبات ووهود، وشوك وعوسج، وعليق وشبرق ولصوص يقطعون الطريق على السائرين .. فإذا لم يكن معهم عدد الإيمان، ومصابيح اليقين تتقد بزيت الإخبات وإلا تعلقت بهم الموانع، وتشبثت بهم تلك القواطع وحالت بينهم وبين السير، فإن أكثر السائرين فيه رجعوا على أعقابهم لما عجزوا عن قطعه واقتحام عقباته، والشيطان على قلة ذلك الجبل يحذر الناس من صعوده وارتفاعه ويخوفهم منه،


(١) سورة آل عمران، الآية: ١٩٩.
(٢) سورة البقرة، الآية: ٤٥، ٤٦. وانظر: الخشوع وأثره في بناء الأمة: سليم الهلالي ص ٢٧ - ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>