للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القلب لها، وعدم الاشتغال بما عداها، وإيثارها على غيرها، وحينئذ تكون قرة عين للمصلي، كما كانت للنبي صلى الله عليه وسلم «وجعلت قرة عيني في الصلاة» (١).

والخشوع في الصلاة كما جاء في عبارات السلف، سكون وخوف، وغض للبصر وخفض للجناح، وعدم الالتفات هنا أو هناك (٢).

هو باختصار سكون الجوارح عن الحركة غير المأذون بها شرعًا، وتدبر القلب وخشوعه لما يقال أو يفعل في الصلاة إن سرًا أو جهرًا. قال بعض السلف، الصلاة كجارية تهدى إلى ملك الملوك، فما الظن بمن يهدي إليه جارية شلاء أو عوراء أو عمياء أو مقطوعة اليد والرجل أو مريضة أو دميمية أو قبيحة، حتى يهدى إليه جارية ميتة بلا روح ... فكيف بالصلاة يهديها العبد ويتقرب بها إلى ربه تعالى، والله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وليس من العمل الطيب صلاة لا روح فيها، كما أنه ليس من العتق الطيب عبد لا روح فيه (٣).

أيها المؤمنون أما حكم الخشوع في الصلاة فقد قال بوجوبه في الصلاة عدد من العلماء، قال القرطبي رحمه الله «اختلف الناس في الخشوع هل هو من فرائض الصلاة أو من فضائلها ومكملاتها؟ على قولين، والصحيح الأول ومحله القلب» (٤)، وممن قال بوجوبه، قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله: قال تعالى {واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين} (٥)


(١) أخرجه النسائي وأحمد بسند صحيح الهلالي، الخشوع وأثره في الأمة ص ٣١، وتكون له راحةً، كما قال عليه الصلاة والإسلام لبلال رضي الله عنه «أرحنا بها يا بلال (أخرجه أبو داود، وأحمد بسند صحيح، المرجع السابق/ ٣٢، تفسير ابن كثير ٥/ ٤٥٦.
(٢) تفسير ابن كثير ٥/ ٤٥٦، ابن رجب/ ٣٥.
(٣) مدارج السالكين ١/ ٥٢٦ عن رسالة المنجد في الخشوع في الصلاة ٧، ٨.
(٤) الجامع لأحكام القرآن ١٢/ ١٠٤.
(٥) سورة البقرة، الآية: ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>