للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحريك السبابة حين التشهد كم هو شديد على الشيطان حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم «لهي أشد على الشيطان من الحديد» (١) ومثل ذلك يُقال في طأطأة الرأس، والنظر في موضع السجود، ونحو ذلك من هيئات الصلاة المشروعة، وكلها تدعوا للخشوع وتذهب الغفلة وتطرد وساوس الشيطان بإذن الله.

٥ - إخوة الإيمان، ومما يدعو للخشوع التأمل في حال السلف في صلاتهم، وتذكر مسلسل الخاشعين الماضين من المؤمنين، وهاك نموذجًا لهم، يقول مجاهد رحمه الله: كان إذا قام أحدهم يصلي يهاب الرحمن أن يشد بصره إلى شيء أو يلتفت أو يقلب الحصى أو يعبث بشيء أو يحدث نفسه من شأن الدنيا إلا ناسيًا ما دام في صلاته» (٢) وقال سعد بن معاذ رضي الله عنه: في ثلاث خصال لو كنت في سائر أحوالي أكون فيهن لكنت أنا أنا، إذا كنت في الصلاة لا أحدث نفسي بغير ما أنا فيه، وإذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثًا لا يقع في قلبي ريبٌ أنه الحق، وإذا كنت في جنازة لم أحدث نفسي بغير ما تقول ويقال لها» (٣).

ويذكر أن عصام بن يوسف رحمه الله مر بحاتم الأصم وهو يتكلم في مجلسه، فقال: يا حاتم تحسن تصلي؟ قال: نعم، قال: كيف تصلي؟ قال: حاتم: أقوم بالأمر، وأمشي بالخشية، وأدخل بالنية، وأكبر بالعظمة، وأقرأ بالترتيل والتفكر، وأركع بالخشوع، وأسجد بالتواضع، وأجلس للتشهد بالتمام، وأسلم بالنية، وأختمها بالإخلاص لله عز وجل، وأرجع على نفسي بالخوف، أخاف ألا يقبل مني، وأحفظه بالجهد إلى الموت» قال: تكلم فأنت تحسن تصلي (٤).


(١) رواه الإمام أحمد بسند حسن كما في صفة الصلاة/ ١٥٩، المنجد/ ٢٤.
(٢) تعظيم قدر الصلاة ١/ ١٨٨ عن رسالة المنجد/ ٣٧.
(٣) الفتاوى لابن تيمية ٢٢/ ٦٠٥.
(٤) الخشوع لابن رجب ص ٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>