وإذا تجاوزنا فئة المفتونين المستقلين لكل سوء .. ولعلهم في مجتمعنا قليل، فالأكثرية هم من يرفضون الشر والفساد، ولكنهم يتفاوتون بين رفض سلبي لا يملك إلا الرفض، وبين رفض إيجابي يفكر أصحابه في المخارج، ويبحث عن الحلول، ويتلمس سبل الخلاص لينجي نفسه ومجتمعه من كل فتنة وافدة .. ذاك هو المعول، وهذا الصنف هم الأقلون ولكنهم المباركون .. فأين نحن منهم؟
إن نفرًا من الناس يشغلون أنفسهم بالتهم للأشخاص، والإسقاط لكل فكرة واردة، والشغب على كل جديد لم يألفوه، والرفض لكل مستحدث -وإن كان فيه نفع وخير- وهذه المواقف المزحية للفراغ، والمفرغة للطاقة دون جدوى لا ينبغي أن تكون شعارًا للأخيار، ولا دثارًا للمصلحين، إنها سهلة التناول، بسيطة التكاليف، ولكنها ضعيفة الأثر، محدودة النتائج.
أما الإيجابية الدافعة إلى خوض غمار المعركة بسلاح العلم والإيمان واليقين، والمشتملة على برامج ومشاريع نافعة، فتلك التي دونها خرق القتاد.
أيها الناس: مجتمعنا - كغيره من المجتمعات - ينفتح، ولكن كيف تكون الإيجابية في ترشيد الانفتاح، ومجتمعنا -كغيره- يمر بتحولات سريعة، فكيف نساهم في ضبط زمام هذه التحولات؟ ومجتمعنا -كأي مجتمع- تتزاحم فيه الفرص، فمن يبادر إليها ويسبق إلى استثمارها؟
عباد الله .. حديث الناس في هذه الأيام - الانتخابات البلدية - وتساؤلاتهم هل يسجلون؟ ومن يرشحون وينتخبون؟
وهذه التجربة التي تمر بها بلادنا ينبغي أن تستثمر لصالح البلاد والعباد، وأن يتطلع الناس إلى الهدف الأسمى منها، ولا ينشغلوا بشكليات ومظاهر بسيطة.