الله ورسوله من مرتكب المعاصي، فإن ترك الأمر أعظم من ارتكاب النهي .. ومن له خبرة بما بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم وبما كان عليه هو وأصحابه رأى أن أكثر من يشار إليهم بالدين هم أقل الناس دينًا والله المستعان، وأي دين وأي خير في من يرى محارم الله تنتهك، وحدوده تضاع، ودينه يترك وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يرغب عنها وهو بارد القلب، ساكت اللسان؟ شيطان أخرس، كما أن المتكلم بالباطل شيطان ناطق، وهل بلية الدين إلا من هؤلاء الذين إذا أسلمت لهم مآكلهم ورئاستهم فلا مبالاة بما جرى على الدين؟ وخيارهم المتحزن المتملظ، ولو نوزع في بعض ما فيه غضاضة عليه في جاهه أو ماله بذل وتبذل وجد واجتهد، واستعمل مراتب الأفكار .. وهؤلاء مع سقوطهم من عين الله ومقت الله لهم قد بلوا في الدنيا بأعظم بلية تكون وهم لا يشعرون، وهو موت القلوب، فإن القلب كلما كانت حياته أتم كان غضبه لله ولرسوله أقوى، وانتصاره للدين أكمل (١).
القسم الثاني: قوم تتفطر أكبادهم للمنكرات تقع، ويتحسرون على الدين حين تنتهك حرماته .. لكنهم يقفون عند هذه الحدود من المشاعر المستنكرة والعواطف الملتهبة، وعسى الله أن يجزي هؤلاء على غيرتهم وكرههم للمنكر وأهله إن كانوا لا يستطيعون غير ذلك ومن أنكر بقلبه فهو منكر وإن كانوا قادرين على أكثر من هذا فعسى الله أن يهديهم ويسددهم لتغيير المنكر وإشاعة المعروف بأيديهم أو ألسنتهم.
القسم الثالث .. قوم لا يكتفون بالمشاعر المستنكرة ولا يقفون عند حدود العواطف، بل يفكرون ويقدرون ثم يسارعون لمقاومة المنكر، ولا يكتفون بإنكار المنكر بل ويريدون بالأمر بالمعروف وإشاعة الخير، والدعوة للهدى عبر