البحر كانت تغوص لعمق سبعمائة وخمسين مترًا، وكان يرقد فيها مئات من الركاب الذين ابتلعهم البحر ولم يستطيعوا أن يتجاوزوها كغيرهم .. ممن تجاوزها فنجا .. أو تجاوزها وكان مصيره كمصير هؤلاء .. رعب الموت جعل الركاب يتزاحمون على القوارب القليلة للنجاة وربما حمل القارب سبعين وهو لا يتحمل أكثر من ثلاثين، ولذا غرقت القوارب ليغرق معها نفر من الناجين لأول وهلة وليعود من السبعين بعضهم ليعاود الحياة من جديد ..
ساعات حرجة .. ومصاب جلل .. كم أنات نفذت .. وكم من عبرات سكبت .. كم من استعانة واستغاثة ولا غوث إلا الله هناك في أعماق البحر الأحمر دفنت آمال، وانقطعت أنفاس، وأصطفى الله شهداء .. تيتم أطفال .. وترملت نساء، وأزهقت أرواح، وذهبت أموال .. فمن المسئول؟ وماذا بعد الحدث، وكيف تكون الاحتياطات في المستقبل؟ أيليق أن يؤذن لعبارة قديمة متهالكة بالإبحار وعلى ظهرها جموع كثيرة من البشر، هذا فضلًا عن البضائع والأموال أثر فض العبارة في بلاد الغرب .. ويسمح لها في بلاد المسلمين؟ كيف يهيم الركاب الناجون من الحريق في لج البحر لخمسين ساعة أو تزيد دون أن تصلهم فرق الإنقاذ .. في بحر لا كالمحيطات الكبرى .. ؟ !
إن الموت لا مفر منه، والأجل لا مهرب عنه .. ولكن الأسباب مأمور بها شرعًا .. فهل تكفي الأسباب والاحتياطات التي عملت لعبارة الموت وركابها .. سواء منهم من نجا أو احترق أو غرق؟
وهل يكفي أن يكون الحدث جعجعة إعلامية ثم ينتهي كل شيء لا يكفي أن نسمع من الناجين حكايات الموت وعبارات المحنة، ومشاعر الذهول ثم ينتهي الأمر ويطوى ملف العبارة.
إن الناس قد تنسى الحدث كما تنسى غيره حين تتلاحق الأحداث، ولكن الله