للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيتركوها حتى انقضى ذلك اليوم تحيلًا ومخادعة .. فأخذوها .. وقالوا إنما نهينا عن السبت فلم نأخذها حتى ذهب ذلك اليوم ..

وحيث أن الجرم كبير .. والمخادعة مع الله .. كانت العقوبة مسخًا حولهم إلى عالم الحيوان والبهيمة حيث لا إرادة له، ولا عهد يرعاه .. {فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ}.

قال قتادة: صار القوم قردة تتعاوى لها أذناب بعد ما كانوا رجالًا ونساءً.

قال ابن كثير: والصحيح أن مسخهم قردة معنوي وصوري، ولم يكن معنويًا لا صوريًا كما نقل عن مجاهد (١).

ومن دروس قصة أصحاب السبت:

١ - أن الاستسلام لأمر الله في أوامره ونواهيه سبب للبقاء، وطريق لسعادة الدنيا والآخرة {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا}.

٢ - وفي المقابل فإن الإعراض والصدود والعصيان والتمرد سبب للهلاك والعقوبة {فَلَمَّا عَتَوْا عَن مَّا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ}.

٣ - استحلال المحارم والاعتماد على الحيل نهج خاطئ مارسه اليهود في القديم واستخدموه في زمن النبوة، ولا زالوا يتوارثون حتى يومنا هذا ..

٤ - حين ينزل العقاب للمجرمين يشملهم والساكنين المداهنين وينجي الله الذين اتقوا ونهوا عن السوء .. {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} (٢) فلا بد


(١) (السير ١/ ١٥٣).
(٢) ومع اختلاف العلماء في مصير الساكتين فقد قال قتادة رحمه الله فما نجا إلا الذين نهوا وهلك سائرهم (القرطبي ١/ ٤٤٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>