معه أن يداوم على العمل في كل حين فأحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل .. ويستطيع معه أن يزاول أعمالًا وطاعات أخرى، فمن توفيق الله للعبد أن يكون له في كل ميدان من ميادين الخير نصيب، وله في كل قربة لله سهم، فالنفس تكل وتمل، وتضعف، والمراوحة بين أعمال الخير المختلفة ينشط النفس ويطرد عنها السآمة والملل والدين يسر، والله لا يمل حتى تملوا ..
ثالثًا: ومن سماحة الإسلام أن جعل للنفس حقًا، وللأهل حقًا، وللزور حقًا وعلى المسلم أن يوازن بين الحقوق، وعلى الشباب خاصة أن يوازنوا بين الأمور كلها، ويحافظوا على الحقوق والواجبات ما أمكنهم ذلك. رواه النسائي.
وكم هو جميل كلام الذهبي رحمه الله في تعليقه على قصة ابن عمرو، وتجزأة الواجبات، وتنويع الطاعات حيث قال: وصح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نازله إلى ثلاث ليال، ونهاه أن يقرأه في أقل من ثلاث (١) وهذا كان في الذي نزل من القرآن، ثم بعد هذا القول نزل ما بقي من القرآن. فأقل مراتب النهي أن تكره تلاوة القرآن كله في أقل من ثلاث، فما فقه ولا تدبر من تلى في أقل من ذلك. ولو تلا ورتل في أسبوع، ولازم ذلك، لكان عملًا فاضلًا، فالدين يسر، فوالله إن ترتيل سُبع القرآن في تهجد قيام الليل مع المحافظة على النوافل الراتبة، والضحى، وتحية المسجد، مع الأذكار المأثورة الثابتة، والقول عند النوم واليقظة، ودبر المكتوبة والسحر، مع النظر في العلم النافع والاشتغال به مخلصًا لله، مع الأمر بالمعروف، وإرشاد الجاهل وتفهيمه، وزجر الفاسق، ونحو ذلك، مع أداء الفرائض في جماعة بخشوع وطمأنينة وانكسار وإيمان، مع أداء الواجب،
(١) أخرجه أبو داود (١٣٩٤) في الصلاة: باب تحزيب القرآن، والترمذي (٢٩٥٠).