للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخلق بالخالق، وتحطيم قوى الشرك وإذلال المشركين، وتحقيق العبودية لله رب العالمين، مما هو في مكنة أمثاله من ملوك الأرض، فلم يترقَّ في أسباب السموات، ولم يصنع شيئًا يستحيل أن يصنعه البشر، وما ينسج عنه في ذلك من الإسرائيليات والقدرات الخارقة للعادة، لا تستقيم مع النقد، وهذا أنكر معاوية، رضي الله عنه، على كعب الأحبار، في حوار لطيف، حين قال له: أنت تقول إن ذا القرنين كان يربط خيله بالثريا؟ فقال له كعب: إن كُنتُ قلت ذاك فإن الله تعالى قال: {وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً}.

ثم علّق ابن كثير على هذه المحاورة بقوله: وهذا الذي أنكره معاوية، رضي الله عنه، على كعب الأحبار هو الصواب، والحق مع معاوية في الإنكار (١).

إخوة الإيمان، وحتى تعلموا طرَفًا من علم ذي القرنين وعدله ودستوره وسياسته في الملك في البلاد التي افتتحها تأملوا في معنى قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْماً قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً (٨٦) قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُّكْراً (٨٧) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً} (٢).

قال أهل التفسير: إنه سلك طريقًا حتى بلغ إلى أقصى ما يُسلَك فيه من الأرض من ناحية المغرب، حتى أبصر الشمسَ في منظره تغرب في البحر المحيط في عين حمئة، قيل: ماء وطين أسود، وقيل: إنها حارة لمواجهتها وهج الشمس عند غروبها. وملاقاتها الشعاع بلا حائل، وبه جمع العلماء بين مختلف الأقوال في العين الحمئة (٣).


(١) تفسير ابن كثير ٥/ ١٨٦.
(٢) سورة الكهف، الآيات: ٨٦ - ٨٨.
(٣) تفسير ابن كثير ٥/ ١٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>