للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ} (١).

وهكذا إخوة الإيمان، فليس كل من ادّعى النزاهة والعدالة مُحِقًا صادقًا، وليس كلُّ مَنْ رُميَ بالتَّطَرُّف أو أُتَّهِمَ بالفساد مبطلاً كاذبًا، وليست تغير الألفاظ والاتهامات الباطلة من واقع الأمر شيئًا، لكنها السنة في الابتلاء تمضي في الأولين والآخرين؟

ومن حق ابن كثير أن يعجب لهذه المقولة الكاذبة ويقول: (يا الله العجب صار هؤلاء يُشفقون من إفساد موسى وقومه، ألا إن فرعون وقومه هم المفسدون ولكن لايشعرون) (٢).

الدرس السادس: أن الصراع مهما امتد أجله، والفتنة مهما استحكمت حلقاتها فإن العاقبة للمتقين .. لكن ذلك يحتاج إلى صبر ومصابرة واستعانة بالله صادقة {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} (٣).

أجل، فلا ينبغي أن يخالج قلوب المؤمنين أدنى شكٍ بوعد الله، ولا ينبغي أن يساورهم القلق وهم يصبرون على الضراء، ولا ينبغي أن يخدعهم أو يغرّنهم تقلّبُ الذين كفروا في البلاد فيظنوه إلى الأبد، وما هو إلا متاع قليل، ثم يكون الفرج والنصر البين للمؤمنين.

أيها المسلمون، ويحسّ المسلمون برباط العقيدة، مهما كانت فواصل الزمن، وكما تجاوز المؤمنون من قوم موسى عليه السلام المحنة، فكذلك ينبغي أن


(١) سورة الأعراف، الآية: ١٢٧.
(٢) تفسير ابن كثير ٣/ ٤٥٦.
(٣) سورة الأعراف، الآية: ١٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>