للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذا الذي لا يقع في معصية، ومن منا لا يقترفُ الخطيئة، وهذا الحبيب المصطفى يقسم ويقول «والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم» (١).

لكن الإيمان والتقى يذكر صاحبه بعظمة من عصى فيرعوي ويستغفر ولا يصرُّ على الخطأ والمنكر {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (٢).

أمما الجهل والطغيان فيسهل على صاحبه المعصية ويهون أمر الله عنده فلا يزال عن الحق معرضًا وللشرِّ والباطل واردًا حتى يهلك غير مأسوف عليه {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ} (٣).

معاشر المسلمين، تأملوا أحوالكم مع خالقكم، وفتشوا عن أنفسكم ففرقٌ بين من يقترف المعصية وهو لها كاره، وهو من ربه خائفٌ مشفق ينظر إلى ذنوبه كأصل جبل يخاف أن يقع عليه، وبين من يمارس الذنب إثر الذنب، ولا يتمعّر وجهه خشية الله، بل يرى ذنوبه أشبه بذباب وقع على أنفه فقال بيده يهشه هكذا!

وهكذا يتفاوت الناس في أحوالهم حين مقارنة المعاصي، وفرق بين من يراها كالجبال وآخرون يرونها كالذباب، وتأمل هذا النص وصنف نفسك حيث هي:

فقد روى البيهقي في شعب الإيمان عن ابن السماك أنه قال: أصبحتِ الخليقةُ على ثلاث أصناف: صنف من الذنب تائب، موطِّن لنفسه على هجران ذنبه، لا


(١) رواه مسلم ٢٧٤٩.
(٢) سورة آل عمران، الآية: ١٣٥.
(٣) سورة الدخان، الآية: ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>