والإيمان، واعترف المتأخرون منهم بقيمة الدين وأثر الإيمان في الحياة، والفضل ما شهدت به الأعداء.
وانظروا مقولة (كارينجي) حين يقول: (إني لأذكر تلك الأيام التي لم يكن للناس فيها حديث سوى التنافر بين العلم والدين، ولكن هذا الجدال انتهى إلى غير رجعة، فإن أحدث العلوم وهو الطب النفسي يبشر بمبادئ الدين، لماذا؟ لأن أطباء النفس يدركون أن الإيمان القوي، والاستمساك بالدين، والصلاة كفيلة بأن تقهر القلق والمخاوف والتوتر العصبي، وأن تشفي أكثر الأمراض التي نشكوها)، ويقول الدكتور (بريل) ويعلنها صريحة: (إن المرء المتدين حقًا لا يعاني مرضً نفسيًا قط).
ويؤكد ذلك كذلك (وليم جيمس) حين يقول: (إن أمواج المحيط المصطخبة المتقلبة لا تعكر قط هدوء القاع العميق، ولا تقلق أمنه، وكذلك المرء الذي عمق إيمانه بالله خليق بألا تعكر طمأنينته التقلبات السطحية المؤقتة، فالرجل المتدين حقًا عصي على القلق، محتفظ أبدًا باتزانه مستعد دائمًا، لمواجهة ما عسى أن تأتي به الأيام من صروف)(١).
إن في ذلك لعبرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، أجل لقد عادت أساطين العلم تعترف بالدين، وتقر بالعظمة لرب العالمين، ويل لمن ى زال شاردًا عن الدين، جاهلاً بحقائق العلم وتجارب العالمين، وهم يحسبون أنفسهم من كبار المثقفين! .
أيها الإخوة المؤمنون، ولا شك أن الجهل شر وبلاء، وأن الأمية ضياع وجفاء، ولكن علم المنحرفين وأمية المتعلمين أشد وأنكى، ومصيبة أن تتحول
(١) انظر في النقولات د. القرضاوي: الإيمان والحياة/ ٢٣٠، ٣٥٩، ٣٦٠.