للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المناهج الدراسية إلى نوع من المعرفة الآنية الباردة، وأن يبقى هذا الكم من المعلومات رصيدًا للثقافة العامة لا علاقة له بواقع الحياة، ولا صلة له كما ينبغي بتوجيه سلوك الفرد والإجابة على كثير من تساؤلاته، وترى المتعلم مثلاً يقرأ قيمة الصلاة في الإسلام، ويعلم سننها وواجباتها وأركانها، ولكنه في واقعه العملي من المقصرين في المحافظة عليها، أو من المخلين في أحكامها، وربما احتاج وهو المتعلم إلى استفتاء العارفين المحافظين، وإن كانوا دونه في التعليم، وتراه يقرأ معنى التوحيد الحق، ويقف على أنواع الشرك في المنهج، ثم تجده، في حياته أو حياة أسرته المحيطة به، مخلاً بما قرأ، جاهلاً لما تعلم، فربما ذهب للسحرة والمشعوذين، وربما ذبح واستغاث، أو استعان، أو نذر لغير الله، وليس أقل خطرًا ممن استهزأ بشيء من أمور الدين، ولربما استحيا من نفسه إن عاتبه على خطئه من لا يجيد القراءة ولا الكتابة أصلاً، لكنه عارف بأحكام العقيدة والدين.

وترى فئة ثالثة تعي وتدرك الثقافة الإسلامية الأصيلة وهم في واقعهم العملي من دعاة التغريب، ورابعة ترى وتسمع تراث النبلاء من المسلمين، ثم هم كلفوا بالدعوة للحداثة، مغرمون بأفكار الساقطين. {وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ} (١) هذه ضروب من أمية المتعلمين وانحراف المثقفين.

إخوة الإسلام، ويبقى للمناهج الدراسية قيمتها وأثرها في تنشئة أبناء المسلمين، فالتعليم فيها منذ الصغر، والدراسة فيها للذكر والأنثى، وإنما أصيبت أجيال المسلمين- أخيرًا- بالخواء الروحي، والشذوذ السلوكي يوم أن طورت المناهج- في زعم المطورين- فزُوحِمت لغة القرآن، وقُلِّصَت مواد


(١) سورة النور، الآية: ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>