للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فذرفت دموع معاوية- رضي الله عنه- فما يملكها، وهو ينشفها بكمَّه، وقد اختنق القوم بالبكاء، ثم قال معاوية: رحم الله أبا الحسن، كان والله كذلك، فكيف حزنك عليه يا ضرار؟ قال: حزن مَن ذُبح ولدها في حجرها فلا ترقأ عبرتها، ولا تسكن حسرتها) (١).

ومع استعدادهم وزهدهم وعدلهم فقد كان خوف الله حتى الممات ملازمًا لهم.

عن سليمان بن يسار أن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، حين حضرته الوفاة، قال له المغيرة بن شعبة: هنيئًا لك يا أمير المؤمنين الجنة، فقال: (يا بن أم المغيرة! وما يدريك؟ والذي نفسي بيده لو كان لي ما بين المشرق والمغرب لافتديت به من هول المطلع) (٢).

كانوا ينظرون إلى الدنيا وما فيها على أنها فيءٌ زائل، وإلى الآخرة على أنها المستودع الباقي، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، واسمعوا إلى أحدهم، وهو يصف الدارين، يقول شداد بن أوس رضي الله عنه: (إنكم لن تروا من الخير إلا أسبابه، ولن تروا من الشر إلا أسبابه، الخير كله بحذافيره في الجنة، والشر بحذافيره في النار، وإن الدنيا عرض حاضر، يأكل منها البر والفاجر، والآخرة وعد صادق، يحكم فيها ملك قاهر، ولكلٍ بنون فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا) (٣).


(١) الإصابة لابن حجر، غذاء الألباب السفاريني ٢/ ٥٥٤، قل هو نبأ عظيم/ ٨١.
(٢) وصايا العلماء للحافظ الربعي ص ٤٧ عن: قل هو نبأ عظيم، الجليل/ ٨٠.
(٣) سير أعلام النبلاء ٢/ ٤٦٦ وباختلاف يسير، وهو في الحلية أو فى من هذا ١/ ٢٦٤، وانظر: قل هو النبأ العظيم/ ٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>