عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ} الآية- قال: والمعنى: عسى أن تكرهوا ما في الجهاد من المشقةِ وهو خير لكم في أنكم تغلبون وتظفرون وتغنمون وتُؤجرون، ومن مات مات شهيدًا، وعسى أن تحبوا الدعةَ وترك القتال، وهو شرٌّ لكم في أنكم تُغلبون، وتُذلون ويذهب أمرُكم، قلتُ (القرطبي): وهذا صحيحٌ لا غبار عليه، كما اتفق في بلاد الأندلس، تركوا الجهادَ، وجبنوا عن القتال، وأكثروا من الفرار، فاستولى العدوُّ على البلاد، وأيَّ بلاد؟ وأسر وقتل، وسبى، واسترق، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ذلك بما قدمت أيدينا وكسبته (١).
إخوة الإسلام! أما النموذج الثالث فيجليه لنا الإمام ابن تيمية رحمه الله، وهو يشهد في عصره اجتماعَ الأحزاب على إبادة المسلمين، فيسلي المسلمين ويشحذ هممَهم، ويتفاءلُ بالشرِّ يعقبه الخير، وبالشدة يتلوها الفرج، ويقول مقارنًا بين غزوة الأحزاب في زمن النبوة، وغزو التتر والفرس والنصارى للمسلمين في زمنه: « .. كذلك- إن شاء الله- هؤلاء الأحزاب من المغول، وأصنافِ الترك، ومن الفرس والمستعربة، والنصارى ونحوهم من أصناف الخارجين عن شريعة الإسلام، الآن نغزوهم ولا يغزونا، ويتوب اللهُ على من يشاءُ من المسلمين، الذين خالط قلوبهم مرضٌ أو نفاق بأن ينيبوا إلى ربِّهم، ويَحْسنُ ظنُّهم بالإسلام، وتقوى عزيمتهُم على جهاد عدوِّهم ..
بل وينظر الشيخُ للحادثات الكونية التي يبدو فيها الضرُّ نظرةَ خيرٍ وإن كرهها غيره فيقول: «وقد كان بعض الناس يكره تلك الثلوج والأمطار العظيمة التي وقعت في هذا العام، حتى طلبوا الاستصحاءَ غير مرةٍ، وكنا نقول لهم: هذا فيه خيرةٌ عظيمة، وفيه لله حكمةٌ وسرٌّ، فلا تكرهوه، فكان من حكمته: أنه فيما قيل: أصاب قازان