للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} (١).

ترى هل يتخذ الآباء من سلوك الأنبياء منهجًا وقدوةً؟

إخوة الإيمان .. من الأبوة إلى البنوة لنقف على نماذجَ عالية في الدعوة والطاعة والرضا والتسليم طاعةً للوالدين وإحسانًا إليهما ..

وتأملوا هذا الأدب الرفيعَ والحوار المعبر والدعوة الحانية للخير بلطف في العبارة ولهف للاستجابة: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا (٤١) إِذْ قَالَ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا (٤٢) يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (٤٣) يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا (٤٤) يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا} (٢).

وإذا كان هذا خطاب الابن المسلم لأبيه الكافر فماذا ينبغي أن يكون خطاب الابن المسلم لأبويه المسلمين؟

والبر لا يبلى، فقد وهب الله إبراهيم عليه السلام ذرية صالحة وجعل فيهم النبوة والكتاب، وحين امتُحن أحدُهم، وكان البلاء المبين وَفَى الابنُ لأبيه، واستسلم الأبُ والابنُ لأمر الله طائعين، {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (١٠٣) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٠٥) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءِ الْمُبِينُ} (٣).

أجل لقد بقيت كلمات إسماعيل- عليه السلام- برهانًا للصدق والوفاء والطاعة والاستسلام بوعي، والصبر عن يقين ورضا .. ، وما من شكٍّ أن الموقف حَرجٌ، وأن المطلوب صعبٌ .. لكنه برُّ الأبناء .. والوفاء للآباء {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ


(١) سورة هود، الآيتان: ٤٥، ٤٦.
(٢) سورة مريم، الآيات: ٤١ - ٤٥.
(٣) سورة الصافات، الآيات: ١٠٣، ١٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>