إخوةَ الإسلام ليس المقصودُ تشخيصَ الداء، إلا بالقدر الذي يوصَفُ به الدواء .. ودعونا نتصارح، ولا نُلقي باللائمة كلِّها على هؤلاء الشباب .. ونرى مدى أسهامنا- بعلمٍ أو غيرِ علم- في بروز هذه الظواهرِ المنحرفة.
فأنت أيها الأب قد تكون منزعجًا لهذه الظاهرة لكنك لم تساهم في علاجها وتظن أن مجردَ شكواك منها كافي في علاجها، بل ربما كنت أيها الأبُ وراء المشكلةِ في بدايتها حيث لم تُعن بالتربية المبكرة للأبناء، ولم تهتم كثيرًا باختيار الأصدقاءِ، أو على الأقل التعرفِ على من يصادق الأبناء فتشجعُ على مصاحبة الأخيار وتنهى وتحذر من مصاحبة الأشرار، وتستخدم في ذلك كلَّ وسيلة مستعينًا بالله ثم بالخيرين من حولك ومتصلًا بالمدرسة لمعرفة سلوكيات ابنك ولربما أخذتك العاطفة فوفرت للابن سيارة لا يحتاج إليها .. أو لا يحسن التصرفَ في قيادتها .. فألقيت ابنَتك المسكين في اليمِّ وقلت له إياك أن تبتل بالماء، وقد تمانع في البداية فينضم صوت الأمِ إلى صوت المراهق فتبدأ المشكلة.
وأنت أيها المعلمُ الكريم ما الجهدُ الذي قدمته في سبيل استصلاح هذه الفئة .. أتُراه يكفيك أن تتذمر من وجودهم في المدرسة .. أم تراه يُغنيك أن تلوذ بكثرة الحصص وتعتذر بالأعباء التدريسية عن المساهمة في توجيه هؤلاء وإسداء النصح لهم والمساهمة في تربيتهم وما أعظم الخطب حين تُشعرهم- أيها المعلم- بالدونية، أو تكرس فيهم أنكم شبابٌ لا خير فيكم، وقد يكون فيهم أو في بعضهم خيرٌ كثيرٌ يحجبه طبقةٌ رقيقةٌ من الغبار الخادع .. ولا يسوغ لك بحال- أيها المربي- أن تُنقص شيئًا من درجات يستحقونها بسبب ما يبدو لك من انحرافهم، فتلك توغر صدورُهم، وتزيد من انحرافهم .. وما هكذا تورد يا سَعدُ الإبل؟ !