للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيا: هدم هذا الأصل شرعا: من أسهل الأمور وأجلاها بيان فساد هذا الأصل , ولهذا سنكتفي بإيراد هذه الأدلة المجملة (١).١ - انعقاد الإجماع على ذلك من الصحابة والتابعين وتابعيهم - كما سبق - وهو إجماع مستند إلى النصوص الصريحة من الكتاب والسنة في زيادة الإيمان ونقصه , واجتماع النفاق والإيمان في القلب الواحد واجتماع الشرك والإيمان في عمل الرجل الواحد (٢).

٢ - تفاضل المؤمنين في الأعمال الظاهرة تفاضلا لا ينكره إلا مكابر , فمنهم القانت الأواب , والمجاهد الدائب , ومنهم المقتصد , ومنهم الظالم لنفسه المنهمك في فسقه.

٣ - تفاوت المؤمنين في الأعمال الباطنة , كالحب والخوف والرجاء والذكر والتفكر في آلاء الله وآياته والخشوع

واليقين ونحو ذلك مما لا يجحده إلا معاند عامد.

٤ - تفاوت الناس في العلم بما يؤمن به - حتى لو سلم جدلا أنه التصديق - فمنهم من يعلم من صفات الله وآياته وأسباب سخطه ومرضاته الشىء الكثير , ويؤمن بذلك ويعتقده مفصلا , ومنهم من لا يعلم منه إلا النزر اليسير المجمل , فلا مراء في أن الأول مصدق بأضعاف ما الآخر مصدق به , فالمعرفة والعلم واليقين كل منها درجات متفاوتة , والإنسان الواحد نفسه يكون إيمانه بشىء أقوى من إيمانه بشىء آخر , ويكون إيمانه بالشىء اليوم أقوي منه غدا أو العكس.٥ - أن الإيمان يتفاوت بتفاوت سببه ومستنده , فمن آمن بسبب آية خارقة رآها , ليس كمن آمن تبعا لإيمان غيره من الناس أو نحو ذلك من الأسباب العارضة (٣).

ثالثا: ضابط معرفة أصول الفرق في الإيمان: يمكن معرفة أصول الفرق المختلفة في الإيمان بتقسيم الأقوال منطقيا حسب الأعضاء الثلاثة: " القلب , اللسان , والجوارح " وقد وضع هذا الضابط - نصا أو تلميحا - بعض المؤلفين من العلماء , عوضا من استعراض الفرق الذي سارت عليه كتب الفرق والمقالات , ومنهم الإمام الطبري (٤). وابن حزم (٥) وشيخ الإسلام ابن تيمية (٦) وابن أبى العز (٧) , وقد رأيت أن أستفيد من مجموع كلامهم، وأوجز كلامهم وأستخرج منه مع الزيادة والإيضاح ضابطا محددا يعين على معرفة الأقوال والتفريق بينها بيسر وسهولة فكان هذا التقسيم:

- أن الإيمان بالقلب واللسان والجوارح

١ - أهل السنة

٢ - الخوارج

٣ - المعتزلة

أن الإيمان بالقلب واللسان فقط

المرجئة الفقهاء

ابن كلاب

- أن الإيمان باللسان والجوارح فقط

الغسانية أو فرقة مجهولة ٦

- أن الإيمان بالقلب فقط

الجهمية

المريسية

الصالحية

الأشعرية

الماتريدية

وسائر فرق المقالات

- أن الإيمان باللسان فقط

الكرامية

وبعض هذه الأقسام تحتاج لتفصيل إيضاحى وهى:

أ - الذين قالوا إنه بالقلب واللسان والجوارح طائفتان

١ - الذين قالوا: الإيمان فعل كل واجب وترك كل محرم، ويذهب الإيمان كله بترك الواجب أو فعل الكبيرة، هم:

١ - الخوارج:

ومرتكب الكبيرة عندهم كافر.

٢ - المعتزلة:


(١) أما هدمه من جهة هدم أساسه الذى بنى عليه أثناء تطور الظاهرة وهو المنطق، حيث أثبتوا ما أسموه الماهية فقد عقدنا له فصلا خاصا يأتى عما قليل
(٢) والمقصود هو النفاق الأصغر والشرك الأصغر.
(٣) لزيادة البيان فى هذا انظر: ((الإيمان)) لشيخ الإسلام (٢١٩ - ٢٢٤).
(٤) انظر ((تهذيب الآثار)) (٢/ ١٨٩ - ١٩٩)، وقد ذكر أربعة أصول غير مذهب السلف.
(٥) انظر: ((المحلى)) (١٣/ ٩) طبعة أبى المكارم ١٣٩٢هـ.
(٦) ((الإيمان)) (ص١٨٤)، هو هنا تحدث عن المرجئة خاصة.
(٧) ((شرح العقيدة الطحاوية)) (ص٣٠٩)، تحقيق: الأرناؤوط. كما فعل قريبا من ذلك الحافظ فى ((الفتح))، (١/ ٤٦)، لكن على كلامه ما يستدرك، وقد فعلنا ذلك هنا، وقد استوفى الزبيدى أصول المرجئة وغيرها عدا مذهب السلف فلم يذكره – ((إتحاف السادة المتقين)) (٢/ ٢٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>