للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أ- أن هذا " هو الاحتياط بالنسبة إلى جعله شرطاً خارجاً عن حقيقة الإيمان ".ب- أن النصوص الدالة عليه من نحو قوله عليه الصلاة والسلام: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله فمن قال: لا إله إلا الله فقد عصم مني نفسه وماله إلا بحقها وحسابه على الله)) (١).قال: "ويجاب من طرف جمهور الأشاعرة عن الحديث بأن معناه أن قول لا إله إلا الله شرط لإجراء أحكام الإسلام، حيث رتب فيه على القول الكف عن الدم والمال، لا النجاة في الآخرة الذي هو محل النزاع " (٢).قال:" على أن من محققي الحنفية من وافق الأشاعرة كما نبه عليه المصنف بقوله: " (إلا قول صاحب العمدة) هو كما مر أبو البركات عبدالله بن محمد بن محمود النسفي، (منهم) أي من الحنفية: (الإيمان: التصديق، فمن صدق الرسول) صلى الله عليه وسلم، (فيما جاء به) عن الله فهو مؤمن فيما بينه وبين الله تعالى، والإقرار شرط إجراء الأحكام، (هو) أي قول صاحب (العمدة)، (بعينه القول المختار عند الاشاعرة) تبع فيه صاحب (العمدة) أبا منصور الماتريدي " (٣).

أي فالحنفية " المرجئة الفقهاء " فريقان:

١ - فريق وافق الأشاعرة؛ وهم الماتريدي الذي ينتسب إليه من جاء بعده منهم.

٢ - فريق ظل عل المذهب القديم- ولو شكلاً- حيث أوله بعضهم بما يوافق مذهب الأشاعرة.

ومذهب الفريق الأول هو الذي ساد أخيرا.

٥ - ويجمع الشعراني أقوال كثير منهم في موضع واحد: حيث ينقل في كتابه " اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر " أن السبكي أورد سؤالا وهو " أنه هل التلفظ بالإيمان الذي هو الشهادة شرط للإيمان أو شطر منه؟ فيه تردد للعلماء " (٤) ..

قال الشعراني: "قال الجلال المحلي: وكلام الغزالي يقتضي أنه ليس بشرط ولا شطر وإنما هو واجب من واجباته ".

" قال الكمال في حاشية جمع الجوامع: وإيضاح ذلك أن يقال في التلفظ هل هو شرط لإجراء أحكام المؤمنين في الدنيا من التوارث والمناكحة وغيرهما فيكون غير داخل في مسمى الإيمان، أو شطر منه أو جزء من مسماه؟

قال: والذي عليه جمهور المحققين الأول، وعليه فمن صدق بقلبه ولم يقر بلسانه مع تمكنه من الإقرار كان مؤمناً عند الله تعالى.

قال: وهذا أوفق باللغة والعرف!!

وذهب شمس الأئمة السرخسي وفخر الإسلام البزدوي من الحنفية، وكثير من الفقهاء إلى الثاني. وألزمهم القائلون بالأول بأن من صدق بقلبه فاخترمته المنية قبل اتساع وقت الإقرار كان كافراً (٥) , وهو خلاف الإجماع على ما نقله الإمام الرازي وغيره " (٦) وشطر ذ

٥ - وقال البيجورى في شرح الجوهرة شرحا لقوله:

وفسر الإيمان بالتصديق ... والنطق فيه الخلف بالتحقيق

فقيل شرط كالعمل وقيل بل ... شطر والإسلام اشرحن بالعمل

" قوله: والنطق فيه الخلف: أي والنطق بالشهادتين للمتمكن منه، وخرج بالمتمكن - الذى هو القادر - الأخرس فلا يطالب بالنطق، كمن اخترمته المنية قبل النطق من غير تراخ، فهو مؤمن عند الله، حتى على القول بأن النطق شرط صحة أو شطر، بخلاف من تمكن وفرط.


(١) رواه البخاري (٢٩٤٦) , ومسلم (٣٣) (٢١) , من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) أي إن مجرد التصديق بالقلب كاف في النجاة في الآخرة، وإن كانت أحكام الدنيا مرتبة على النطق!! هذا مع أن الحديث حجة على كلا الفريقين، ونص في صحة مذهب السلف.
(٣) (ص ١٧٤ - ١٧٨)
(٤) هذا كلام السبكي الابن وهو جزء من كلام طويل في ((الطبقات)) (١/ ٨٧ - ١٣٨).
(٥) هذه من الشبه الخيالية التي لو جاز وقوعها وصح حكمها لما كان حكمها نقضاً للقاعدة، بل مجرد استثناء منها، فكيف وهي محض خيال، وسيأتي البيان ضمن رد الشبهات النقلية.
(٦) (ص١٠٧) من الجزء الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>