للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"وقال معمر: قلت لحماد: كنت رأسا، وكنت إماما في أصحابك، فخالفتهم فصرت تابعا؟ قال: إني أكون تابعا في الحق خير من أن أكون رأسا في الباطل" (١).

ولما قدم الكوفة قادما من الحج قال: "أبشروا يا أهل الكوفة رأيت عطاء، وطاووسا، ومجاهدا، فصبيانكم، بل صبيان صبيانكم أفقه منهم. قال مغيرة - راوي الخبر: فرأينا ذلك بغيا منه" (٢).

وأمام هذه الأحوال كان لحماد مقام مشهور غير محمود في تبني القول بالإرجاء، وإخراج العمل منه، حتى عده شيخ الإسلام أول قائل به. يقول شيخ الإسلام رحمه الله: "الإرجاء في أهل الكوفة كان أولا فيهم أكثر، وكان أول من قاله حماد بن أبي سليمان" (٣).ويقول: "لكن حماد بن أبي سليمان خالف سلفه، واتبعه من اتبعه، ودخل في هذا طوائف من أهل الكوفة، ومن بعدهم" (٤).وقد كان للسلف موقف يناسبه، حتى ممن كان من أصحابه والمتلقين عنه، فهذا الأعمش بعد أن كان يروي عنه؛ لما تكلم بالإرجاء صار إذا لقيه لم يسلم عليه (٥).

"وقال شعبة: كنت مع زبيد، فمررنا بحماد، فقال: تنح عن هذا، فقط أحدث. وقال مالك بن أنس: كان الناس عندنا هم أهل العراق، حتى وثب إنسان يقال له حماد، فاعترض هذا الدين، فقال فيه برأيه" (٦).٥ - سالم الأفطس (٧).

هو أبو محمد سالم بن عجلان الأفطس الحراني الأموي مولاهم المتوفى مقتولا سنة ١٣٢هـ.

في عداد التابعين، ومع كونه ثقة في الحديث إلا أنه كان يخاصم في الإرجاء، داعية إليه، ويجادل عليه.

وقد نقل شيخ الإسلام ما يفيد ذلك، حيث ذكر حديث معقل العبسي، وفيه قوله:"قدم علينا سالم الأفطس بالإرجاء، فنفر منه أصحابنا نفوراً شديداً، منهم ميمون بن مهران، وعبدالكريم بن مالك، فإنه عاهد الله أن لا يؤويه وإياه سقف بيت إلا المسجد" (٨).

ونقل أيضا المحاورة التي جرت بينه وبين مبارك بن حسان، حيث يقول: "وروي ابن بطة بإسناده عن مبارك بن حسان قال: قلت لسالم الأفطس: رجل أطاع الله فلم يعصه، ورجل عصى الله فلم يطعه، فصار المطيع إلى الله فأدخله الجنة، وصار العاصي إلى الله فأدخله النار، هل يتفاضلان في الإيمان؟ قال: لا" (٩).

٦ - أبو حنيفة:


(١) ((سير أعلام النبلاء)) (٥/ ٢٣٣).
(٢) ((ميزان الاعتدال)) (١/ ٥٩٦)؛ و ((تهذيب التهذيب)) (١/ ٤٨٤).
(٣) ((الإيمان)) (ص٢٩٥) ((الفتاوى)) (٧/ ٣١١)، وانظر منه (ص٢٨١) ((الفتاوى)) (٧/ ٢٩٧).
(٤) ((الإيمان الأوسط))، ضمن: ((الفتاوى)) ((٧/ ٥٠٧)) (ص٣٧٣) ط. ابن الجوزي؛ وانظر: ((السنة)) للخلال (٣/ ٥٩٩) (رقم ١٠٦٣).
(٥) انظر: ((ميزان الاعتدال)) (١/ ٥٩٥)؛ و ((تهذيب التهذيب)) (١/ ٤٨٤).
(٦) ((تهذيب التهذيب)) (١/ ٤٨٤).
(٧) راجع أخباره في: ((ميزان الاعتدال)) (٢/ ١١٢ - ١١٣)؛ و ((تهذيب التهذيب)) (١/ ٦٧٩ - ٦٨٠)؛ و ((تقريب التهذيب))، (ص٣٦١).
(٨) ((الإيمان)) (١٩٢) ((الفتاوى)) (٧/ ٢٠٤)، وانظر: ((الإبانة الكبرى)) (٢/ ٨٠٨ - ٨٠٩).
(٩) ((الإيمان)) (ص١٧١) ((الفتاوى)) (٧/ ١٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>