للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كقوله: خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ [الفرقان: ٥٩]، ونحو ذلك، وقوله: وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ [البقرة: ٩٨]، وقوله: وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ [عمران: ٣ - ٤]، وهذا هو الغالب.

ويليه: أن يكون بينهما لزوم.

كقوله: وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ [البقرة: ٤٢]، وقوله: وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ [النساء: ١١٥]، وقوله: وَمَن يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ [النساء: ١٣٦] "، ثم أورد جملة من الأمثلة على هذا النوع، معلقا عليها، ثم قال:

"والثالث: عطف بعض الشيء عليه.

كقوله: حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى [البقرة: ٢٣٨]، وقوله: وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ [الأحزاب: ٧]، وقوله: مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ [البقرة: ٩٨]، وقوله: وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَّمْ تَطَؤُوهَا [الأحزاب: ٢٧].

والرابع: عطف الشيء على الشيء؛ لاختلاف الصفتين. كقوله: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى [الأعلى: ١ - ٤]، وقوله الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ [البقرة: ٣ - ٤] " (١).

وبعد هذا التحقيق قال شيخ الإسلام:

"وأما قولهم إن الله فرق بين الإيمان والعمل في مواضع، فهذا صحيح.

وقد بينا أن الإيمان إذا أطلق: أدخل الله ورسوله فيه الأعمال المأمور بها، وقد يقرن بالأعمال، وذكرنا نظائر لذلك كثيرة، وذلك لأن أصل الإيمان هو ما في القلب، والأعمال الظاهرة لازمة لذلك، لا يتصور وجود إيمان القلب الواجب مع عدم جميع أعمال الجوارح، بل متى نقصت الأعمال الظاهرة، كان لنقص الإيمان الذي في القلب، فصار الإيمان متناولا للملزوم واللازم، وإن كان أصله ما في القلب، وحيث عطفت عليه الأعمال، فإنه أريد أنه لا يكتفي بإيمان القلب، بل لابد معه من الأعمال الصالحة.

ثم للناس في مثل هذا قولان:

منهم من يقول: المعطوف دخل في المعطوف عليه أو لا، ثم ذكر باسمه الخاص تخصيصا له؛ لئلا يظن أنه لم يدخل في الأول، وقالوا هذا في كل ما عطف فيه خاص على عام.


(١) ((الإيمان)) (ص١٦٣ - ١٦٨) ((الفتاوى)) (٧/ ١٧٢ - ١٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>