للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موضوع. فيه محمد بن القاسم الطايكاني كذاب وهو واضعه. قال ابن حبان: "روي عن أهل خراسان أشياء لا يحل ذكرها في الكتب"، وقال الحاكم: "من رؤوس المرجئة يضع الحديث على مذهبهم"، وقال: "حدث بأحاديث موضوعة"، وكذا قال أبو نعيم، وقال الجورقاني: "كان يضع الحديث ويكذب"، وقال الذهبي: "كان يضع الحديث" (١).قال الجورقاني وقد روي الحديث: "هذا حديث موضوع، وهو من موضوعات محمدبن القاسم الطايكاني، ومحمد بن القاسم هذا كان كذاباً خبيثاً" (٢).وقال ابن الجوزي: "هذا حديث موضو، وهو من موضوعات محمد بن القاسم الطايكاني" (٣).وقال السيوطي: "موضوع آفته الطايكاني، كذاب خبيث من المرجئة، كان يضع الحديث لمذهبه" (٤).

٦ - حديث محمد بن تميم السعدي الفريابي، من حديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

((من قال الإيمان يزيد وينقص قد خرج من أمر الله، ومن قال أنا مؤمن إن شاء الله فليس له في الإسلام نصيب)).

موضوع. وآفته محمد بن تميم، وهو واضعه. قال فيه ابن حبان: "كان يضع الحديث"ن وقال الحاكم: "كذاب خبيث"، وقال النقاش: "وضع غير حديث"، وقال أبو نعيم: "كذاب وضاع" (٥).قال ابن الجوزي: "وضعه ابن تميم" (٦).وقال ابن عراق: "وهو من وضع محمد بن تميم" (٧).

قلت: فجميع الأحاديث المروية في أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص باطلة موضوعة بلا ريب. ولهذا قعد ذلك ابن القيم في مناره المنيف، فقال: "وكل حديث فيه أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص فكذب مختلق" (٨).

ويكفي في بطلان تلك الروايات مصادمتها الصريحة لنصوص الكتاب والسنة المصرحة بزيادة الإيمان ونقصانه، فهي باطلة لا وجه لها من الصحة. ومع هذا فقد قال ملا علي القارئ بعد أن نقل هذه القاعدة عن ابن القيم: "ومعنى اللفظ الأول - أي: الإيمان لا يزيد ولا ينقص - صحيح عند المحققين من المتأخرين" (٩)!!

قلت: وأي صحة لما خالف وصادم نصوص الكتاب والسنة، فنصوص الكتاب والسنة صريحة بأنه يزيد وينقص، وهذه الأباطيل صريحة بأنه لا يزيد ولا ينقص، فهل من توفيق بين ضدين أو جمع بين نقيضين، لا ريب أن ذلك محال.

شتان بين الحالتين فإن ترد ... جمعاً فما الضدان يجتمعان

ثم إن من العجب حقاً أن يلتمس لتلك الأحاديث الأباطيل معنى من الصحة وقد افتراها أناس سمتهم الكذب وديدنهم الوضع على رسول الله صلى الله عليه وسلم والإفتراء ليه، أو من كان كذلك يتطلب لأقواله وأحاديثه المفتراة معنى من الصحة!.

وقد أحسن عندما قيد تصحيح معناه بالمتأخرين، إذ إن المتقدمين من سلفنا الصالح أهل السنة والجماعة لا ريب عندهم في بطلان مثل هذا، ولهذا ضمنوا مؤلفاتهم في السنة باب زيادة الإيمان ونقصانه وأوردوا تحته الأدلة الكثيرة عليه، المبطلة لما خالفه، أما المتأخرون فلا عبرة بأقوالهم ولا اعتداد بها ما خالفت النص، وهؤلاء الذين وصفهم القارئ بالمحققين جاءوا بما ناقض التحقيق، بل والعقول الرزينة والفطر السليمة، وكيف يوصف ما جاء على الضدين تماماً لما في القرآن والسنة بأنه تحقيق؟ أما السلف الصالح أهل العلم والإيمان فعندهم أن هذا القول بدعة محدثة وليس من التحقيق في شيء كما سبق أن مر معنا في أقوال السلف، بل هو عندهم من الكذب والتلفيق؛ ولهذا يقول عبدالله بن إدريس: "كذاب من زعم أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص" (١٠).

المصدر:زيادة الإيمان ونقصانه وحكم الاستثناء فيه لعبد الرزاق البدر - ص ٣٧١


(١) انظر ((المجروحين)) لابن حبان (٢/ ٣١١)، و ((الضعفاء والمتروكين)) لابن الجوزي (٣/ ٩٣)، و ((المغني في الضعفاء)) للذهبي (١/ ٦٢٥)، و ((ديوان الضعفاء)) له (ص٢٨٥)، و ((الميزان)) له (٤/ ١١)، و ((اللسان)) لابن حجر (٥/ ٣٤٣).
(٢) ((الأباطيل)) (١/ ٢٤).
(٣) ((الموضوعات)) (١/ ١٣٣).
(٤) ((اللآليء)) (١/ ٤٠).
(٥) انظر ((المجروحين)) لابن حبان (٢/ ٣٠٦)، و ((الضعفاء)) لابن نعيم (ص١٤٥)، و ((الضعفاء والمتروكين)) لابن الجوزي (٣/ ٤٤)، و ((المغني في الضعفاء)) للذهبي (٢/ ١٧٠)، و ((الميزان)) له (٣/ ٤٩٤)، و ((اللسان)) لابن حجر (٥/ ٩٨).
(٦) ((الموضوعات)) (١/ ١٣٥) وأقره السيوطي في ((اللآليء)) (١/ ٤٢) وتصحفت فيه هذه الكلمة تصحفاً مشيناً فكتب بدلاً من "وضعه ابن تميم"، "وضعفه محمد بن تميم"؟ فصار بهذا التصحيف إماماً في الجرح بدل أن يكون وضاعاً.
(٧) ((تنزيه الشريعة)) (ص١٥٠).
(٨) ((المنار المنيف)) (ص١١٩).
(٩) ((الأسرار المرفوعة)) (ص٣٤٤).
(١٠) رواه الخطيب في "تاريخه " (١٣/ ٣٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>