للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعمرية: أتباع معمر بن عباد السلمي، كان رأسا من رؤوس الضلال، ومن أعظم القدرية فرية في تدقيق القول بنفي الصفات، ونفي القدر خيره وشره عن الله تعالى، وهو من طبقة أبي الهذيل، توفي سنة (٢٢٠هـ)، وانفرد عن أصحابه بمسائل، منها: الأولى: قوله: إن الله سبحانه وتعالى لم يخلق شيئا من الأعراض، وإنما خلق الأجسام فقط، والأعراض من خلق الأجسام، إما طباعا كالنار التي تحدث الإحراق، والشمس التي تحدث الحرارة، وإما اختيارا كالحيوان الذي يحدث الحركة والسكون، وقوله هذا يخالف قوله سبحانه وتعالى: قُلِ اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ [الرعد: ١٦] (١).الثانية: إنكاره أن يقال: إن الله تعالى قديم، لأنه يشعر بالتقادم الزمني، ووجود الباري ليس بزماني (٢).الثالثة: قوله: إن الإنسان ليس الصورة التي نشاهدها، وإنما هو شيء في هذه الصورة يتصف بالعلم والحياة والقدرة والإرادة، ثم لا متحرك ولا ساكن، ولا يحل موضعا دون موضع، ولا يحصره زمان، ومع ذلك فهو المدبر للجسد، وإذا فعلاقته بالجسد علاقة تدبير وتصريف، وليست علاقة حلول وتمكن (٣).ويلزم على هذا القول أن لا يكون إنسان رأى إنسانا قط، وهذا لا يقوله عاقل (٤).الرابعة: قوله في المعجزات: إنها ليست من فعل الله، لأنها أعراض، والله سبحانه على رأيه لا يخلق الأعراض، وإنما تخلقها الأجسام. ويرى البغدادي: أن في قول معمر هذا إبطال للشريعة، لأنه يؤدي إلى القول بأن القرآن ليس من عند الله (٥).

الفرقة السابعة: البشرية: أتباع بشر بن المعتمر الهلالي من أهل بغداد، وقيل: من أهل الكوفة. ولعله كان كوفيا ثم انتقل إلى بغداد، وهو رئيس معتزلة بغداد ومن تلامذة ثمامة بن الأشرس، توفي في حدود سنة (٢١٠هـ) (٦).

من أقواله التي انفرد بها عن أصحابه، ما يلي: الأولى: إفراطه في باب التولد حتى قال: إن الإنسان يخلق اللون والرائحة والسمع والبصر، وجميع الإدراكات على سبيل التولد، وكذلك يخلق الحرارة والبرودة، وهو في هذا القول مخالف لإجماع المسلمين، لأن أهل السنة لا يقولون بالتولد أصلا، والمعتزلة الذين يقولون بالتولد، لا يفرطون فيه، بل يقصرون التولد على الحركات والاعتمادات (٧).الثانية: أن حركة الجسم توجد في المكان الأول، لا في مكان ثان، ولا واسطة بينهما، وإذا لم يكن بين المكانين واسطة لم يكن هذا الكلام الذي يقوله معقولا، ولم يكن له حقيقة بحال (٨).الثالثة: قال: من تاب عن كبيرة ثم راجعها عاد استحقاقه العقوبة الأولى، وقوله هذا مخالف لإجماع المسلمين، لأن المعتزلة، وإن قالوا: أن الفاسق يخلد في النار، فإنهم لا يقولون: إنه يعاقب في النار على ما تاب منه من الذنوب (٩).الرابعة: قوله: إن الله قادر على لطف لو فعله في الكافر، لآمن طوعا، وهذا القول تكفره فيه القدرية، لكن الأمر بالعكس، فإنه مصيب في هذا القول، وهم الكفرة دونه (١٠).


(١) ((الملل والنحل)) (١/ ٦٥).
(٢) ((الملل والنحل)) (١/ ٦٦).
(٣) ((التبصير في أمور الدين)) (٧٠).
(٤) ((التبصير في أمور الدين)) (٧٠).
(٥) ((المعتزلة)) (١٣٣) نقلا عن ((أصول الدين)) (١٧٧).
(٦) ((الفرق بين الفرق)) (١٥٦)، نقلا عن ((طبقات المعتزلة لابن المرتضي)) (٥٢).
(٧) ((التبصير في أمور الدين)) (٧١).
(٨) ((التبصير في أمور الدين)) (٧١).
(٩) ((الملل والنحل)) (١/ ٦٥).
(١٠) ((الفرق بين الفرق)) (١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>