للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد انفرد عن أصحابه بمسائل، منها ما يلي: الأولى: قوله في القدر: إن الله قادر على أن يكذب ويظلم ولو كذب وظلم كان إلها كاذبا ظالما – تعالى الله عن قوله علوا كبيرا– (١).الثانية: قوله في التولد: مثل قول أستاذه بشر بن المعتمر، وزاد عليه بأن جوَّز وقوع فعل واحد من فاعلين على سبيل التولد (٢).الثالثة: قوله في القرآن: إن الناس على مثل القرآن فصاحة ونظما وبلاغة، وبالغ في القول بخلق القرآن فكفر من قال بقدمه بحجة أنه أثبت قديمين، وكفر أيضا من لابس السلطان، وزعم أنه لا يرث ولا يورث، وكفر أيضا من قال: إن أعمال العباد مخلوقة لله تعالى، ومن قال أنه يرى بالأبصار (٣).الرابعة: قال في عثمان وقاتليه: إنهم جميعا في النار، لأن عثمان كان قد فسق، وكذلك قاتلوه؛ لأن فسقه لا يستوجب قتله، فاستحقوا جميعا بفسقهم الخلود في النار (٤) ... وقد كفر أكثر شيوخه كأبي الهذيل، والنظام وبشر بن المعتمر، وقالوا هم بتكفيره، وكلا الفريقين محق في تكفير صاحبه (٥).

الفرقة العاشرة: الجعفرية: أتباع جعفر بن مبشر الثقفي المتوفى سنة (٢٣٤هـ)، وجعفر بن حرب الهمذاني المتوفى سنة (٢٣٦هـ)، وكلاهما من معتزلة بغداد (٦). أتيا بمسائل، منها ما يلي: الأولى: قالا: إن الله تعالى خلق القرآن في اللوح المحفوظ، فلا يجوز أن ينتقل منه؛ لأنه يستحيل أن يكون الشيء الواحد في مكانين في آن واحد، وعلى ذلك، فإن الناس لم يسمعوا القرآن على الحقيقة، والقرآن الذي في المصاحف ليس بكلام الله إلا على المجاز، أي هو: عبارة عن حكاية عن المكتوب الأول في اللوح المحفوظ (٧).الثانية: قال جعفر بن مبشر: إن فساق هذه الأمة هم شر من اليهود والمجوس والزنادقة؛ مع أنه يرى أن الفاسق موحد، وليس بمؤمن ولا كافر، فجعل الموحد شرا من الكافر الثانوي (٨).الثالثة: كان لجعفر بن مبشر تطرف في بعض المسائل الفقهية، فمثلا: قال: من سرق حبة واحدة وهو ذاكر لتحريمها فهو منسلخ من الإيمان والإسلام مخلد في النار، فخالف بذلك أسلافه الذين قالوا بغفران الصغائر عند اجتناب الكبائر (٩). وزعم أيضا: أن تأييد المذنبين في النار من موجبات العقل، فخالف بذلك أسلافه الذين قالوا: إن ذلك معلوم بالشرع دون العقل (١٠).

الفرقة الحادية عشرة: الأسوارية: أتباع علي الأسواري، توفي سنة (٢٤٠هـ)، وكان من أتباع النظام، موافقا له في جميع ضلالاته، وزاد عليه بقوله: إن ما علم الله أنه لا يكون لم يكن مقدورا له تعالى، وهذا القول منه يوجب أن تكون قدرته تعالى متناهية، ومن كانت قدرته متناهية كانت ذاته متناهية، والقول به كفر، فما يؤدي إليه مثله (١١).

الفرقة الثانية عشر: الإسكافية: أتباع محمد بن عبد الله الإسكافي، ذكره ابن المرتضي في رجال الطبقة السابعة، تتلمذ على جعفر بن حرب، وتوفي سنة (٢٤٠هـ) (١٢).


(١) ((التبصير في أمور الدين)) (٧٣).
(٢) ((الملل والنحل)) (١/ ٦٧).
(٣) ((الملل والنحل)) (١/ ٦٨).
(٤) ((المعتزلة)) (١٣٩) نقلا عن ((الانتصار)) (٩٦).
(٥) ((الفرق بين الفرق)) (١٦٦).
(٦) ((المعتزلة)) (١٣٩).
(٧) ((الملل والنحل)) (١/ ٦٨).
(٨) ((التبصير في أمور الدين)) (٧٣).
(٩) ((الفرق بين الفرق)) (١٦٨).
(١٠) ((الفرق بين الفرق)) (١٦٨).
(١١) ((التبصير في أمور الدين)) (٧٠).
(١٢) ((التبصير في أمور الدين)) (٧٤)، ((الفرق بين الفرق)) (١٦٩) الحاشية.

<<  <  ج: ص:  >  >>