للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انفرد بأقوال، منها ما يلي: الأول: قال: إن حقيقة الطاعة هي موافقة الإرادة، وقد قيل له إن قولك هذا يوجب أن يكون الله مطيعا لعبده إذا أعطاه مراده، فقال: نعم. يكون مطيعا له، فخالف بذلك الإجماع؛ لأن المسلمين قبله أجمعوا على أن من قال: إن الباري سبحانه وتعالى مطيع لعبده كان موصوفا بالكفر. وأيضا: لو جاز أن يقال: أنه لعبده مطيع لجاز أن يكون له خاضعا وهذا غير جائز، فدل على بطلان هذا القول (١).الثاني: قال في الصفات: إن الله لم يزل سميعا بصيرا، ويمتنع من أن يقال: لم يزل سامعا مبصرا، فالله عنده في الأزل سميعا، ولم يكن سامعا إلا عند وجود المسموع، ولم يكن مبصرا إلا عند وجود المرئي؛ وذلك لأن سامعا ومبصرا متعديان بخلاف سميعا وبصيرا، فلما لم يجز أن تكون المسموعات والمرئيات لم تزل موجودات لم يجز أن يكون سامعا ومبصرا (٢). وقال في أسماء الله تعالى: إنها يجوز أن تؤخذ قياسا، ويجوز أن يشتق من أفعاله اسم لم يرد به السمع، ولم يأذن به الشرع (٣).الثالث: قوله: إن العرض الواحد يجوز أن يكون في محال كثيرة، ويعلل ذلك بقوله: إن الكلام يكتب في محل، فيكون عرضا موجودا فيه، ثم يكتب في محل ثاني فيصير أيضا موجودا فيه من غير أن ينتقل من المحل الأول أو يعدم فيه (٤).الرابع: قوله: إن الله سبحانه وتعالى ليس بقادر أن يفني شيئا من أجسام العالم بانفراده، ولكنه إن شاء أفنى العالم بفناء يخلقه لا في محل، فيفنى به جميع العالم (٥).الخامس: اعتقاده استحالة بعث الأجسام بعد تفرقها بالموت، ولذلك فإنه يتأول الآيتين الكريمتين، وهما قوله تعالى: يُحْيِي اللهُ الْمَوْتَى. . الآية [البقرة: ٧٣] وقوله تعالى: وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي الْقُبُورِ [الحج: ٧]. على معنى أن الله يحيي أرواح الموتى، ويبعث أرواح من في القبور (٦).

الفرقة العشرون: الكعبية: أتباع عبد الله بن أحمد بن محمد البلخي المعروف بأبي القاسم الكعبي تلميذ الخياط وأحد المعتزلة البغداديين، توفي سنة (٣١٩هـ)، أخذ من كل علم بطرف (٧).

وقد خالف قدرية البصرة في أشياء منها: أولا: قوله: إن الله تعالى لا يرى نفسه، ولا يراه غيره (٨).ثانيا: قوله: إن الله سبحانه وتعالى لا يسمع ولا يبصر، وكان يزعم أن معنى وصفه بالسميع والبصير بمعنى أنه عالم بالمسموع والمرئي (٩).ثالثا: نفي الإرادة عن الله سبحانه وتعالى، وقال: إن الله سبحانه إذا أراد شيئا من فعله فالمقصود أنه فعله، وإذا قيل: أنه أراد من عنده فعلا أنه أمر به، وقال: إن وصفه بالإرادة على الوجهين مجاز (١٠). كما أن وصف الجدار بالإرادة مجاز في قوله تعالى: جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا [الكهف: ٧٧].رابعا: أنه كان يقول بإيجاب الأصلح للعبد على الله تعالى، والإيجاب على الله تعالى محال لاستحالة موجب فوقه يوجب عليه شيئا (١١).خامسا: زعم أن المقتول ليس بميت، فخالف قوله سبحانه وتعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ [العنكبوت: ٥٧] (١٢).سادسا: قال: إن الاستطاعة ليست غير الصحة والسلامة (١٣).


(١) ((التبصير في أمور الدين)) (٨٠).
(٢) ((المعتزلة)) (١٥٣).
(٣) ((التبصير في أمور الدين)) (٨٠).
(٤) ((التبصير في أمور الدين)) (٨٠).
(٥) ((الفرق بين الفرق)) (١٨٤).
(٦) ((المعتزلة)) (١٥٦) نقلا عن ((الصواعق المرسلة)) (٢/ ١٠١).
(٧) ((الملل والنحل)) (١/ ٧٣).
(٨) ((التبصير في أمور الدين)) (٧٩).
(٩) ((الملل والنحل)) (١/ ٧٣).
(١٠) ((الفرق بين الفرق)) (١٨٢).
(١١) ((التبصير في أمور الدين)) (٧٩).
(١٢) ((الفرق بين الفرق)) (١٨٢).
(١٣) ((الفرق بين الفرق)) (١٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>