ويلاحظ أن البراهين التي أوردها على دعاويه تكاد تكون مستقاة من كتب القاضي عبد الجبار.
إذ حاله كحال سلفه من المعتزلة: يريد أن يثبت أربع دعاوى، فذكر اثنتان منها:
١ - ذكر أن في الجسام معاني؛ من أعراض وأكوان.
٢ - أثبت حدوث هذه المعاني. ثم تعرض للباقيتين: فقال: "نظرنا في الجسم، فوجدناه لا يخلو من هذه الأشياء المحدثات، ولا ينفك عنها، ولا يوجد قبلها، ولا بعدها، ولا يوجد إلا وهي معه". . . – إلى أن قال: -"لما كان الجسم غير عار من هذه الأعراض، ولا منك عنها في حال من أحواله، ولم يوجد إلا وهي به، ولا يتقدمها بحال واحدة، ولا يجوز أن يتأخر بعدها حالا واحدة، وهي بجميعها محدثة – كما وصفنا – قضينا على الجسم بالحدوث، كما قضينا على العرض بالحدوث؛ إذ لم يسبقها، ولم يكن قبلها. ولو كان الجسم قبل هذا العرض المحدث موجودا منفكا منه، لكان ينبغي أن يكون قديما لوجوده قبل المحدث. فلما بطل عن الجسم أن يوجد قبل هذا العرض المحدث – كما وصفنا، بطل عنه عند ذلك الوصف بالقدم، وثبت أنه محدث؛ إذ لم يسبق العرض المحدث، ولم يكن قبله"(١).
فالأجسام - على حد قول عبد الكافي – لم تسبق الحوادث ولم تتقدمها، وما لم يسبق الحوادث ولم يتقدمها فهو حادث.
وقوله موافق لأقوال المعتزلة الآخرين، وهو مثلهم يركز على قضايا أربع:
الأولى: الأجسام لا تنفك عن الأعراض والأكوان: (الاجتماع، والافتراق، والحركة، والسكون).
الثانية: الأعراض حادثة؛ لزوالها، أو تغيرها.
الثالثة: كل ما لا ينفك عن الحوادث، ولا يتقدمها فهو حادث.
الرابعة: الأجسام حادثة؛ لأنها لم تنفك عن الحوادث، ولم تتقدمها.
المصدر:الأصول التي بنى عليها المبتدعة مذهبهم في الصفات والرد عليها من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية لعبد القادر عطا – ١/ ٣٤٧
(١) ((الموجز في تحصيل السؤال وتلخيص المقال في الرد على أهل الخلاف)) لعبد الكافي (١/ ٣٨).