للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- الاعتماد على اللغة المجردة والأشعار في تفسير النصوص الشرعية: تعتبر الطريقة اللغوية لدى المعتزلة المبدأ الأعلى في تفسير القرآن بعد العقل، ولذلك يحاولون إبطال المعنى الذي يرونه مخالفاً لمبادئهم باللغة المجردة، فإذا لم يحالفهم الحظ أثبتوا للفظ معنى آخر موجوداً في اللغة يزيل الاشتباه ويتفق مع مذاهبهم، فيستشهدون عليه بأدلة من اللغة والشعر (١).ومن شواهد اعتمادهم على اللغة المجردة: رد إبراهيم النظام وغيره من المعتزلة تفسير بعض السلف للويل: بأنه واد في جهنم، والطلح: أنه الموز، والفلق: بأنه واد في جهنم، بدعوى أن هذه التفسيرات مخالفة للغة العربية، وأن معنى الويل، والطلح، والفلق، معروفة في كلام العرب (٢).وزعموا أن الاستواء في القرآن بمعنى الاستيلاء، واعتمدوا على قول الشاعر (٣):

قد استوى بشر على العراق ... من غير سيف ولا دم مهراق (٤)

مع أن هذا البيت مصنوع لا يعرف قائله.

- تجريد الألفاظ العربية من المعاني التي تدل عليها: ولما كانت البدعة معقد المعتزلة ومرساها، جعلوا المفردات العربية تابعة لأغراضهم لا متبوعة، فإذا جاء لفظ دال بعربيته على معنى من المعاني يصطدم مع مقاصدهم جردوه عن معناه ومدلوله، كتجريدهم أسماء الله عن معانيها، فإنهم جعلوها أعلاماً جامدة لا معنى لها ولا دلالات لغوية، مع أنها دالة بالوضع اللغوي على صفات ثابتة له؛ فقالوا: عالم بلا علم، قادر بلا قدرة، وحي بلا حياة؛ لأن إثبات معانيها التي هي الصفات يقتضي عندهم تعدد القدماء، وهذا باطل فالله تعالى بصفاته قديم، وليس شيء منها محدثاً، والشبهة هذه بنوها على توهم التفريق بين الله وبين صفاته، واعتبارها مخلوقات غيره (٥).

- حمل الألفاظ العربية على ما يتلاءم مع عقائدهم إن تعدد مدلولها معنى ورسماً، من غير مراعاة للسياق:


(١) ((التفسير والمفسرون)) للذهبي (١/ ٢٧٤ - ٢٧٥) بتصرف.
(٢) انظر (ص: ٨٢ - ٨٤)، وتخريج الآثار هناك.
(٣) انظر: ((الصحاح)) للجوهري (٦/ ٢٣٨٥)، و ((تلخيص البيان في مجازات القرآن)) (ص: ٨٠).
(٤) ورد ذكره في ((الصحاح)) للجوهري (٦/ ٢٣٨٥)، و ((الجامع لأحكام القرآن)) (١/ ٢٥٥)، و ((لسان العرب)) (١٤/ ٤١٤)، و ((الصواعق المرسلة)) (٢/ ٦٧٤)، وغيرها.
(٥) ((مقالات الإسلاميين)) (١/ ٢٤٤)، و ((الملل والنحل)) (١/ ٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>