للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذلك "قال ابن عمر وابن عباس وابن زيد: الآية كلها منسوخة وبقيت الوصية ندبا، ونحو هذا قول مالك رحمه الله". وقد كان من الممكن الجمع بين الآيتين "بأن يأخذا – أي الأبوان – المال عن المورث بالوصية وبالميراث إن لم يوص، أو ما بقي من الوصية لكن منع هذا الحديث والإجماع"، "فنسخ الآية إنما كان بالسنة الثانية لا بالإرث على الصحيح من أقوال العلماء" (١).أما عن حديث: ((نكاح المرأة على عمتها أو خالتها)) (٢). فقد قال تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [الحشر:٧]، وقال تعالى: مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ [النساء:٨٠]، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((ألا أني قد أوتيت الكتاب ومثله معه)) (٣). أي من الأحكام التشريعية فيجب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فيما حلل وحرم لأمر الله تعالى بذلك. قال القرطبي: "فإن الله تعالى قد حرم على لسان نبيه مما لم يذكر في الآية فيضم إليها" (٤). وحكمة ذلك واضحة وهي ترجع إلى أصل عام في الشريعة وهو عدم قطع الأرحام فإنه لا يخفى ما يكون بين المرأة وضرتها ولا يصح هذا بين المرأة وخالتها أو عمتها إلا بقطع الرحم وقد روي عن ابن عباس قال: ((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزوج الرجل المرأة على العمة أو على الخالة، وقال: إنكم إذا فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم)) (٥). وروى مثله من مراسيل أبي داود عن حسين بن طلحة" (٦).

ولأهل السنة منهج في ما قد يتعارض ظاهره من الأدلة وهو "الجمع بين أطراف الأدلة" والتوفيق بين الأدلة الصحيحة بأوجه التوفيق المعتبرة إذ أنه معلوم في الأصول إن إعمال الدليلين الصحيحين يقدم على إعمال أحدهما وإسقاط الآخر، يقول الشوكاني:

"ومن شروط الترجيح التي لابد من اعتبارها أنه لا يمكن الجمع بين المتعارضين بوجه مقبول فإن أمكن ذلك تعين المصير إليه ولم يجز المصير إلى الترجيح، قال في المحصول: العمل بكل منهما من وجه أولى من العمل بالراجح من كل وجه وترك الآخر. اهـ، وبه قال الفقهاء جميعا".

المصدر:المعتزلة بين القديم والحديث لمحمد العبده وطارق عبد الحليم – ص ٨١


(١) ((تفسير القرطبي)) (٢/ ٢٦٣).
(٢) رواه الطبراني في ((الكبير)) (١١/ ٣٣٧) , من حديث ابن عباس رضي الله عنه. وحسنه ابن القطان في ((الوهم والإيهام)) (٥/ ٧٥٨). وقال ابن الملقن في ((خلاصة البدر المنير)) (٢/ ١٩٣): فيه رجل فيه مقال. وقال الألباني في ((النصيحة)) (٢٠٤): لا يصح.
(٣) رواه أبو داود (٤٦٠٤) , من حديث المقدام بن معد يكرب, وسكت عنه. وقال ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (٢١/ ٨): هذا المعنى محفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه. وقال الحكمي في ((معارج القبول)) (٣/ ١٢١٧): إسناد أحمد جيد. وصححه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)).
(٤) ((تفسير القرطبي)) (٥/ ١٢٤).
(٥) رواه الطبراني في ((الكبير)) (١١/ ٣٣٧) , من حديث ابن عباس رضي الله عنه. وحسنه ابن القطان في ((الوهم والإيهام)) (٥/ ٧٥٨). وقال ابن الملقن في ((خلاصة البدر المنير)) (٢/ ١٩٣): فيه رجل فيه مقال. وقال الألباني في ((النصيحة)) (٢٠٤): لا يصح.
(٦) ((تفسير القرطبي)) (٥/ ١٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>