للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الشيخان الحافظان السلفيان ابن تيمية، وابن القيم فقد أشبعا موضوع الرد على تأويلات المتكلمين – وخاصة المعتزلة – إشباعاً لا مزيد عليه، وذلك في عامة مصنفاتهما الكثيرة، نسأل الله أن يوفقنا وإخواننا الموحدين للثبات على السنة، ويجنبنا سبل الابتداع والزلل.

المصدر:جناية التأويل الفاسد على العقيدة الإسلامية لمحمد أحمد لوح - ص ٢٣٢

إن طبيعة التركيبة السكانية لهذا العصر الذي نؤرخ له عقدياً تمتاز بالتباين في الفهم، والموروثات العقدية؛ فجمهور الأمة فيه من مختلف الأعراق، والأجناس؛ ففيه العربي، والفارسي، والقبطي، والبربري، والرومي، ومنهم المخلص في عقيدته، ومنهم المنافق الحاقد الحاسد، الذي يرقب أي حركة هدامة للانضام إليها لرحب هذا المجتمع، وتحطيم عقيدته بالابتداع في دينه، وبذر الشبهات في أوساطه، ومن أبرز طبقات هذا المجتمع طبقة العلماء من الصحابة، والتابعين الذين ورثوا الفهم الصحيح لهذا الدين؛ فكانوا هم الدرع الواقي من الشبهات الباطلة، وقاموا ببيان المعتقد الصحيح، ودفعوا عنه كل دواعي البدع الباطلة، ثم طبقة تابعي التابعين، الذين حملوا راية العقيدة، والشريعة، من أسلافهم الأبرار، وذادوا عن حمى العقيدة، حينما تكالبت عليها فرق الضلال، فكانت مجالس العلم التي تعقد، وتوصل فيها المسائل، ويطرح فيها منهج السلف، واضحا جاليا، ثم يعرف الناس بكل أشكال البدع التي تدور رحاها في هذا الوسط الواسع؛ فحموا العقيدة، ونافحوا عنها، وهزموا أرباب البدع في كل مواقعهم، ولله الحمد.

أمام هذا الواقع العقدي الصحيح، الذي كانت تستنير بنوره الأمة، وتمنع قوى الضلال، والبدعة، من الدعوة لباطلها، يمكن لنا أن نعرف من خلاله دقائق البدع المزيفة، والمشاة بوشي العلم، والعبادة، والتقشف، ولم يكن أرباب البدعة يجرءون على مواجهة الأمة بإنكار معتقداتها صراحة، بل كانوا يلبسون على الناس مبتدعاتهم؛ عن طريق رسوم الزهد، والتقوى الزعوم؛ لإيصال ضلالاتهم، وبدعهم، إلى جمهور العامة؛ فعندما ظهرت بدعة القدرية، أنكرها الصحابة، والتابعون، أشد الإنكار، وكان لضغط العلماء، وجمهور الأمة، الفضل الأكبر في قيام الخلفاء في قمع أولئك المبتدعة، وقتلهم، ونفيهم بالأمصار، جزاء إنكارهم لأصل من أصول الإسلام؛ وهو القدر، وكان ذلك هو العمل الصحيح، حتى لا يتسع نطاق هذه البدعة الضالة، ولكن أولئك المبتدعة النفاة اتجهوا إلى السرية، والتخفي، فقاموا بطرح اسم المعتزلة كبديل لمسمى القدرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>