للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقول المعتزلة في الوعد والوعيد مشهور، ولعله من الآراء التي انفرد بها عمرو، ولم يقل بها واصل من قبل.

المنامات القبيحة التي رويت بحق عمرو بن عبيد: إن هذه المنامات التي رويت عن السلف بحق عمرو بن عبيد إنما تعبر عن قبح مال المبتدعة، وإن كنا لا نرى أن المنامات تعطي حقيقة مؤكدة، ولكنا نذكرها كما ذكرها علماء السلف الثقات؛ للتحذير من المبتدعة، ومن أتباعهم، والقبول بمناهجهم، ومن هذه المنامات ما رواه عاصم الأحول "سبق ذكر نصه"، وفي نهايته قال: "فرأيت عمرو بن عبيد في المنام يحك آية من القرآن، قلت: ما تصنع؟ قال: إني أعيدها، قال: فحكها، قلت: أعدها! فقال: لا أستطيع" (١).وجاء عمرو بن عبيد، وإسماعيل المكي "ت ١٩٣هـ" إلى محمد بن سيرين "ت ١١٠هـ"، فسألاه عن رجل رأى كأنه نصف رأسه مجزوزة، ونصف لحيته، فقال لهما: اتقيا الله، لا تظهروا أمراً، وتسرا خلافه، قال: فقال عمرو: والله، لا نأخذ عنه في اليقظة وكيف نأخذ عنه في المنام؟ " (٢).وعن محمد بن إدريس الرازي قال: سمعت الأنصاري يقول: "رأيت في النوم كأنا على باب عمرو بن عبيد، ننتظر خروجه، إذ خرج علينا قرد، قالوا: هذا عمرو بن عبيد" (٣).

هذه هي بعض مسالك علماء السلف في التعامل مع المعتزلة القدرية؛ ممثلة بشيخها عمرو بن عبيد، الذي أتيح لعلماء السلف أن يطلعوا على أحواله التي كانت مستورة، وعندما اشتد حصار السلف على المعتزلة، برزت معتقداتهم الفاسدة، وجرأتهم القبيحة على دين الله، ولم نعثر على نصوص تخص واصلا، وكما رأينا ما قام به المعتزلة، عندما تمكنوا من بعض خلفاء بني العباس؛ من محنة للأمة، ما هو إلا حقد، وكراهية لعلماء السلف، الذين وضعوهم في دائرة البدعة، والضلالة، وظلوا مقموعين إلى أن اعتنق مذهبهم المأمون، وغيره، ولكن الله عاد عليهم بالذلة، والخزي، والخسران، بعد هزيمتهم على يد إمام السنة؛ الإمام أحمد، ومن سار على دربه، ودرب من سبقه من علماء السلف، ولكن ضلال المعتزلة استشرى في كثير من الفرق التي أصلت أصولها في العقيدة على أصول المعتزلة الفاسدة.

المصدر:العقيدة الإسلامية لعطا الله المعايطة - ص ٦٦١


(١) العقيلي، ((الضعفاء)) (٣/ ٢٨١، ٢٨٢).
(٢) العقيلي، ((الضعفاء)) (٣/ ٢٨١، ٢٨٢).
(٣) ابن حبان، ((المجروحين)) (٢/ ٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>