للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٤ - هارون بن موسى الفروي "شيخ ثقة، صاحب سنة".

قال: "لم أسمع أحداً من أهل العلم بالمدينة وأهل السنن إلا وهم ينكرون على من قال: القرآن مخلوق، ويكفرونه".قال هارون: "وأنا أقول بهذه السنة" (١).

٢٥ - محمد بن إسماعيل البخاري "العلم، صاحب الصحيح".قال: "نظرت في كلام اليهود والنصارى والمجوس، فما رأيت أضل في كفرهم منهم – يعني الجهمية – وإني لأستجهل من لا يكفرهم إلا من لا يعرف كفرهم" (٢).وقال: "ما أبالي، صليت خلف الجهمي والرافضي، أم صليت خلف اليهود والنصارى، ولا يسلم عليهم، ولا يعادون، ولا يناكحون، ولا يشهدون، ولا تؤكل ذبائحهم" (٣).

٢٦ - أبو حاتم محمد بن إدريس، وأبو زرعة عبيدالله بن عبدالكريم الرازيان "إماما الجرح والتعديل".قالا: "ومن زعم أن القرآن مخلوق، فهو كافر بالله العظيم كفراً ينقل عن الملة، ومن شك في كفره ممن يفهم فهو كافر" (٤).

٢٧ - أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة "إمام الأئمة".قال: "القرآن كلام الله غير مخلوق: فمن قال: إن القرآن مخلوق فهو كافر بالله العظيم، لا تقبل شهادته، ولا يعاد إن مرض، ولا يصلى عليه إن مات، ولا يدفن في مقابر المسلمين، ويستتاب، فإن تاب، وإلا ضربت عنقه" (٥).

٢٨ - محمد بن جرير أبو جعفر الطبري "الإمام الحافظ الفقيه الحجة".

قال القاضي أحمد بن كامل "وكان ثقة فاضلاً": سمعت أبا جعفر محمد بن جرير الطبري – ما لا أحصي – يقول: "من قال: القرآن مخلوق، معتقداً له، فهو كافر حلال الدم والمال، لا يرثه ورثته من المسلمين، يستتاب، فإن تاب وإلا ضربت عنقه".

فقلت له: عمن لا يرثه ورثته من المسلمين؟

قال: "عن يحيى القطان، وعبدالرحمن بن مهدي".

قيل للقاضي ابن كامل: فلمن يكون ماله؟ قال: فيئا للمسلمين.

فهذه بعض أحكام الأئمة الأعلام في حق المعتزلة الجهمية، تبين لك عن فرقان بين الحق والباطل، والكفر والإيمان، وهؤلاء الأعلام من سادة أئمة السلف الذين كانوا أسوة الناس، وفيهم السادة الكبار الذين يفزع إليهم الناس في كشف الشبهات، وإبانة الحق من دينهم.

ولقد وقع في كلام بعض الأئمة تكفير بعض أعيان الجهمية، كفر جماعة من السلف الجعد بن درهم – أصل هذه الفتنة – وآخرون جهم بن صفون – رأسها – وآخرون بشراً المريسي – المنافح عنها – وكفر الشافعي رحمه الله حفصاً الفرد – أحد دعاتهم – وهم بقتله.

ولقد رأيت أقواماً من أهل البدع، وربما اغتر بهم بعض أهل السنة، يهونون من شأن الجهمية، وربما استنكر بعضهم على الأئمة الذين كفروهم، مع أنه لم يرد عن عامة أئمة السلف إلا تكفيرهم – كما نقله عنهم ابن جرير الطبري وغيره – وهؤلاء فيما رأى أحد رجلين:

إما مبتدع، محترق في التجهم والاعتزال، يصر على أمر عظيم، يهاب الحق وسطوة أهله، فلا يصرح، وإنما يشير ويلمح.

وإما جاهل، لم يفهم اعتقاد السلف في كلام الله تعالى، وخاف النظر في ذلك – ورعاً – يحسب أنه خوض في الكلام المذموم، فليس له إمام يقتدي به إلا الواقفة الذين أنكر الأئمة مذهبهم.

أما الأول فلا سلمه الله ولا عافاه، وكشف ستره، وأظهر سوأته.


(١) رواه الآجري في ((الشريعة)) (ص ٧٨ - ٨٩) بسند صحيح.
(٢) ((خلق أفعال العباد)) رقم (٣٥) ومن طريقه البيهقي في ((الأسماء)) (ص ٢٥٣).
(٣) ((خلق أفعال العباد)) رقم (٥٣) ومن طريقه البيهقي (ص ٢٥٤).
(٤) رواه اللالكائي في ((السنة)) (١/ ١٧٨) بسند صحيح.
(٥) رواه أبو عثمان الصابوني في ((الرسالة)) نص/ ٧ بسند صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>