للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في مصر: وصل إلى مصر فرحبت به الحكومة المصرية وأجرت له راتباً شهرياً بلا عمل. وكانت إقامته في مصر هذه المرة حافلة بالأنشطة العلمية والسياسية فألقى كثيراً من الدروس في الأدب والمنطق والتوحيد والفلسفة وعلم التصوف وأصول الفقه والفلك (١) حتى ذاع صيته واتصل بكبار القوم وانخرط في الماسونية وكان له تأثير في سياسة البلاد وكتب في الصحف التي ساهم في إنشائها تارة تحت اسم "مظهر بن وضاح؟ وباسمه الصريح تارة أخرى. كانت سياسة البلاد الحالية آنذاك تحت الإدارة البريطانية فكانت كتابات السيد قد أوغرت عليه صدر مستر فيفيان قنصل إنجلترا وأوغرت صدر توفيق باشا لاعتقاده أن كتابات السيد تؤدي على زعزعة حكمه وبالإضافة إلى هذا فقد كان السيد منبوذاً من علماء الأزهر الذين رأوا في تعليمه الفلسفة وبعض آرائه فسقا فصدر الأمر بنفيه وجاء في القرار: "أنه رئيس جمعية سرية من الشبان ذوي الطيش مجتمعة على فساد الدين والدنيا" (٢) وعند نزوله إلى الباخرة أتاه قنصل إيران فعرض عليه بعض المال فرفضه ثم أبحر إلى الهند وأقام بحيدر آباد سنة ١٢٩٦ - ١٨٧٩م.

في الهند:

أقام في حيدر آباد عاما ألَّف خلاله رسالة في (الرد على الدهريين) بالفارسية ولما قامت الثورة العرابية في مصر نقل من حيدر آباد إلى كلكتا لاعتقاد الحكومة الإنجليزية أن له فيها يدا ثم أبيح له أن يسافر إلى حيث شاء فسافر إلى لوندرا "لندن" فأقام بها أياماً ثم سافر إلى باريز سنة "١٣٠٠هـ - ١٨٨٣م.

في باريس:

أقام في باريس ما يزيد عن ثلاث سنوات عهدت جمعية العروة الوثقى له فيها أن ينشئ جريدة (العروة الوثقى) فاستدعى الإمام محمد عبده الذي كان منفياً في سوريا فأصدرا الجريدة وكان جمال الدين مديراً لسياستها ومحمد عبده رئيسا لتحريرها سنة ١٣٠١هـ - ١٨٨٤م ولكن الجريدة لم تلبث إلا سبعة أشهر وأيام لمحاربة الاستعمار البريطاني لها ثم توقفت وعاد محمد عبده إلى سوريا ثم إلى مصر معتزلاً السياسة ومكث السيد في باريس متردداً بينها وبين لندن والتقى في باريس بالفيلسوف الأوربي رينان ثم دعاه ناصر الدين شاه إيران إلى طهران فاتجه إليها سنة ١٣٠٤هـ - ١٨٨٧م.

في إيران: وفوض إليه الشاة نظارة الحربية، وتزاحم حوله الأمراء والمجتهدون والكبراء وتمكن من نظم كثير منهم في سلك الماسونية (٣). لكن الشاه ناصر الدين أوجس منه خيفة وداخله ريب من حركاته ونشاطه فأدرك السيد ما في نفسه فاستأذن في السفر إلى روسيا فأذن له سنة ١٨٨٧م.

في روسيا:

كان له في روسيا نشاط صحفي نشر كثيراً من المقالات عبر الصحف الروسية واجتمع في بطرسبرج "لنجراد" بكبار العلماء والسياسيين وقد مكن له نقده لسياسة الإنجليز مكانة في روسيا حتى أن القيصر دعاه إلى قصره وتحادث معه طويلاً فرابه منه ما راب ناصر الدين شاه فأوعز إلى موظفيه بطرده فاتجه إلى باريس سنة ١٣٠٦هـ - ١٨٨٩م.

في ميونخ: وفي طريقه إلى باريس التقى في ميونخ عاصمة بافاريا "ألمانيا" بالشاه ناصر الدين الذي طلب منه العودة إلى إيران فاعتذر بذهابه إلى معرض باريس فألح عليه الشاة فذهب معه (٤) سنة ١٣٠٦هـ - ١٨٨٩م.


(١) ((العروة الوثقى)) (ص٢١).
(٢) ((جمال الدين الأفغاني)) لعبدالرحمن الرافعي (ص ٤٦).
(٣) ((العروة الوثقى)) (ص ٢٥).
(٤) ((تاريخ الأستاذ الإمام)) (١/ ٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>