أما الطبقة الثالثة فهي طبقة العلماء من أهل الإرشاد والتربية واقتصر هنا على ذكر الفنون دون التعرض لأعيان الكتب إلا قليلاً على هذا الوجه:
أولاً: فن تفسير القرآن الكريم كتفسير الكشاف وتفسير القمي والنيسابوري ومن أخذ طريقهما.
ثانياً: فنون اللغة العربية.
ثالثا: فن الحديث مع التوفيق بينه وبين القرآن بإطراح الضعيف والتوفيق بينه وبين ما يوهم المخالفة من الصحيح.
رابعاً: فن الأخلاق والآداب الدينية بتفصيل تام على نحو ما سلك الغزالي في الأحياء.
خامساً: فن أصول الفقه ونرى أفضل كتاب لهذا المقصد الموافقات للشاطبي.
سادساً: فن التاريخ القديم والحديث.
سابعاً: فن الإقناع والخطابة.
ثامناً: فن الكلام والنظر في العقائد. وهذه الطبقة الأخيرة ينبغي أن تكون تحت نظر شيخ الإسلام وتكون إدارتها تحت عنايته في سلك خاص ويدعى لها بالمدرسين المتبصرين ولا يعطى الطالب منها شهادة عالية إلا بعد امتحان شديد في العلوم المتقدمة والبحث الكامل عن سيرته في أحواله وأعماله والتحقق من تقدمه في الفضيلتين العلم والعمل (١).
أما إصلاح التعليم في مصر فقد تمثل في اللائحة التي قدمها إلى اللورد كرومر ممثل الاحتلال البريطاني وبدأ تلك اللائحة ببيان أهمية الإصلاح وأن حاجة الحاكم إلى صلاح الناس ليست بأخف من حاجتهم إلى صلاحه ويشبه الحاكم بالصانع والمحكومين بالآلة فهو كاتب مثلا وهم قلمه فلا يكتب القلم بلا كاتب ولا يكتب الكاتب بلا قلم ثم يحث المستعمر على إصلاح التعليم ويسهل له الأمر مبينا أن أهل مصر قوم سريعو التقليد أذكياء الأذهان أقوياء الاستعداد للمدنية بأصل الفطرة فحاكمهم إذا كان رأسا فهم بدنه وإذا كان عاملا فهم آلته فلابد من استصلاحهم حتى يستقر سلطانه عليهم زمناً مديداً ثم يبين أن الإصلاح في المدارس التي ليس عليها رقيب سوى أهل السلطة السياسية لا غير فلهم أن يأخذوا من الدين أصوله ويغرسوها في المدارس ويحملوا نفوس طلاب العلم عليها ولا يستعرضون لما زاد عنها ثم بين أنهم لن يجدوا من يعارض من أهل الدين لأنهم لا يهتمون بما لا يقع تحت نظرهم مباشرة.
المدارس الأميرية:
ثم تكلم عن المدارس الأميرية وأنه ليس فيها شيء من المعارف الحقيقية ولا التربية الصحيحة ثم بين رغبة الناس فيها زمن إسماعيل ليستريحوا من نفقة أبنائهم وأن يتعلموا ما يؤهلهم للقيام بعمل من أعمال الحكومة. أما تكوينه بالتعليم والتربية رجلا صالحا في نفسه يحسن القيام بالأعمال التي تسند إليه فلم يخطر ببال المسلمين ولا من ولاهم أمر التعليم.
المدارس الأجنبية:
أما المدارس الأجنبية على تنوعها فاختلاف مذاهب المعلمين والمتعلمين يضعف تلك المدارس من التربية العمومية فقليل من المصريين من يرغب في تعليم أولاده فيها مع مداومتهم على نصيحة أولادهم بعدم الالتفات إلى ما يقوله المعلمون فيها حفظاً لاعتقادهم ... مما يحدث الاضطراب في طبيعة الفكر والتزلزل في الأخلاق وقد أحدثت هذه المدارس النفرة في قلوب المسلمين.
الجامع الأزهر:
(١) انظر ((تاريخ الأستاذ الإمام)) محمد رشيد رضا الجزء الثاني في المنشآت. من (ص ٥٠٥) إلى (ص ٥١٩).