للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه عبارات ولا شك خطيرة ولكن ما هو أخطر وأشد ضلالا ما ورد في خطاب آخر منه إلى السيد الأفغاني بتاريخ ٨ شعبان سنة ١٣٠٠هـ وإني لأدعو القارئ أن يمعن النظر في كل حرف أنقله من الرسالة: "أما الآن قد حبسني الجناب العالي نتيجة لأعماله فإني أصدع بأفكاري قواعد الملكوت وأزعزع بهمتي أركان سطوة الجبروت وأدعو إلى الحق دعوة الحكيم ... "ثم يقول" بلغنا قبل وصول كتابكم الكريم ما نشر في "الدبا" من دفاعكم عن الدين الإسلامي "يا لها من مدافعة" ردا على مسيو رينان فظنناها من المداعبات الدينية تحل عند المؤمنين محل القبول فحثنا بعض الدينيين على ترجمتها لكن حمدنا الله تعالى إذ لم يتيسر له وجود إعداد "الدبا" حتى ورد كتابكم وأطلعنا على العددين ترجمهما لنا حضرة الفاضل حسن أفندي بيهم فصرفنا ذهن صاحبنا الأول عن ترجمتها وتوسلنا في ذلك بأن وعدناه أن الأصل العربي سيحضر فإن حضر نشر ولا لزوم للترجمة فاندفع المكروه والحمد لله".

ثم قال في عبارة أشد انحرافاً وأدعى إلى تقييم عقيدته "نحن الآن على سنتك القويمة لا تقطع رأس الدين إلا بسيف الدين ولهذا لو رأيتنا لرأيت زهاداً عباداً ركعا سجداً لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل.

عجباً!! نحن الآن على سنتك القويمة: لا تقطع رأس الدين إلا بسيف الدين – ولهذا لو رأيتنا لرأيت زهاداً عباداً .. ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل؟!

هل هي دعوة باطنية يخفيها الرجلان ويسعيان تحت ستارة الدين و "بسيف الدين" لقطع "رأس الدين"؟! وقيامهم بالصلاة أمام الناس هل هو سعي إلى القبض على سيف الدين؟! ثم تركها للصلاة بعض الأحيان هل هو تنفيس "لضيق العيش" وعودتهم إليها حينا لأجل "فسحة الأمل".

عاتب الشيخ يوسف النبهاني السيد رشيد رضا على صحبته لمحمد عبده وتسميته له بالأستاذ الإمام مع تركه للحج ولفروض الصلاة ولاشتراكه في الماسونية فقال نظماً:

وذاكرته في شيخه وهو عبده ... تملكه للشيطان عن قومه قسرا

فقلت له لو كابن سينا زعمتم ... وعالم فاراب وأرفعهم قدرا

لقلنا لكم حقا وإن كان باطلاً ... ولم نر من هذا على ديننا ضرا

ولكنكم مع تركه الحج مرة ... وحج لباريز ولندره عشرا

ومع تركه فرض الصلاة ولم يكن ... يسر بذا بل كان يتركها جهرا

ومع كونه شيخ المسون مجاهراً ... بذلك، لا يخفى أخوتهم سرا

ومع غي هذا من ضلالاته التي ... بها سار مثل السهم للجهة الأخرى

تقولون أستاذ إمام لديننا ... فما أكذب الدعوى وما أقبح الأمرا

ونحن نراه عندنا شر فاسق ... فيقتل فسقاً بالشريعة أو كفراً (١)


(١) ((الرائية الصغرى في ذم البدعة ومدح السنة الغراء)) ضمن كتاب ((العقود اللؤلؤية في المدائح النبوية)) وكلاهما للشيخ يوسف النبهاني (ص ٣٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>