للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن التوافق العجيب أن الذي قدم لهذا الكتاب الذي أنكر حجية السنة هو الذي أنكر صدق قصص القرآن وأنكر حجيته فيما يخبر به – كما مر بنا – وأعني به طه حسين. أنكر محمود أبو رية حجية السنة وإذا ما قال له قائل كيف تنكر حجية السنة وأنت تستدل على ما ذهبت إليه بأحاديث منها؟ أجاب "أن الأحاديث التي أوردها في سياق كلامي للاستدلال بها على ما أريد في كتابي إنما أسوقها لكي نقنع من لا يقنع إلا بها على اعتبار أنها عنده من المسلمات التي يصدقها ولا يماري فيها "ويشبه أسلوبه هذا باحتجاج" المسلم على النصراني بما في الإنجيل وهو في نفسه غير مؤمن بما يحتج به أو عكس ذلك (١)؟! ثم يأتي بعد هذا بقواعده التي أراد بها أن يأتي "بجديد" يفوق به قواعد علماء الحديث السابقين؟! ويعدل به ما اعوج به من قواعدهم؟ قال بعد كلامه السابق "أعلم أن ذلك ليس عاماً في كل ما أورده من أحاديث في كتابي فإن منها ما يبدو عليه علائم الصحة كأن يكون بياناً للقرآن الكريم أو متفقاً مع العقل السليم، أو جاء على مقتضى الأصول التي قام عليها الدين وإليها قامت الدعوة ولأجلها منحت النبوة، أو أتنور خلال معانيه شعاعاً من نور النبوة، ولو كان خافتاً ضئيلاً – وهذا أمر أحسه بوجداني فما كان من مثل ذلك مما يطمئن به القلب ويسلم به العقل فأنا آخذ به وأرويه وأنا مطمئن، واعتبره من بيان الرسول للكتاب العزيز وإن كنت على ثقة بعد ذلك كله من أنه أحاديث آحاد وأنه ظني الدلالة بحيث لا يبلغ منزلة القطع الذي يفيد اليقين وأن روايته جاءت "بالمعنى" لا بأصل اللفظ الصحيح الذي نطق به النبي صلى الله عليه وسلم" (٢).


(١) ((أضواء على السنة المحمدية)) محمود أبو رية (ص ٣٣).
(٢) ((أضواء على السنة المحمدية)) محمود أبو رية (ص ٣٤ - ٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>