للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقي أن أقول أن قواعده تلك لا تقوم بها حجة على صحة الحديث فقد يكون في الحديث بيان للقرآن الكريم ولا يلزم من هذا صحة هذا الحديث وقد يتفق الحديث مع العقل السليم وقد يأتي حديث على مقتضى الأصول التي قام عليها الدين وعليها قامت الدعوة ولأجلها منحت النبوة ولا يلزم أن يكون الرسول قد قاله؟ وليس هذا كله بالأمر الذي يحتاج إلى مزيد علم لإدراكه، ولكنه الضياع يعمي الأبصار عن الحقيقة. وحتى ندرك منه ضلال منهجه في نقد الحديث نسوق قوله "ومن الأحاديث ما تقتضي البداهة بصدقه كحديث ((لا تكتبوا عني شيئاً غير القرآن)) (١).؟! ولست أنكر هنا صحة الحديث أو غيرها وإنما أنكر أن تكون "البداهة" مما تقتضي صحته؟! وأي بداهة تنكر أن يبيح الرسول صلى الله عليه وسلم كتاب حديثه؟! وحتى ندرك منه غرضه في وصف هذا الحديث بأن "البداهة" تقتضي صحته نكمل قوله "وهو الحديث الذي بنينا عليه كتابنا هذا" (٢) وبه يتضح هدفه؟!.وحتى ندرك أيضاً الصلة التي تربط برجال المدرسة العقلية الحديثة وتأثره بهم فيما ذهب إليه نقول أنه كثيراً ما يسوق نصوصهم ويستشهد بها في التقليل من شأن حجية السنة أو التجريح بصحابي جليل، وحينما عاب عليه طه حسين كثرة نقله عن رشيد رضا أجاب بأنه لم يصنع ذلك "عفواً أو فقراً من الأدلة" (٣) وإنما كان يقصد من ذلك أموراً مهمة، "منها أن هذا السيد يعتبر في هذا العصر من كبار أئمة الفقهاء المجتهدين عند أهل السنة الذين يعتد برأيهم ... الخ" (٤) "وأنه بلا منازع شيخ محدثي أهل السنة في عصرنا بحيث يعلم من أمر الأحاديث التي حملتها الكتب المشهورة لدى الجمهور ويدرك ما اعتراها من فعل الرواة وغير ذلك مما يتصل بكتابي ما لم يعلم مثله سواه" (٥) "على أنه فوق ذلك ورث علم الأستاذ الإمام محمد عبده وناهيك به علماً وفضلاً بحيث لا يختلف اثنان من أنه من كبار أئمة الدين المجتهدين فما يقوله السيد رشيد إنما اعتبره كأنه صادر عن أستاذه الإمام وذلك فيما أرى أنه من منهج الأستاذ الإمام وأسلوبه في النظر إلى الدين" (٦) وفوق هذا وذاك فهو يكتب عن السيد رشيد بمناسبة مرور خمسة أعوام على وفاته ويسميه "شيخنا" ويردد هذه العبارة" (٧).


(١) رواه مسلم (٣٠٠٤) , من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه بلفظ: (لا تكتبوا عني ومن كتب عني غير القرآن فليمحه وحدثوا عني ولا حرج ... ).
(٢) ((أضواء على السنة المحمدية)) محمود أبو رية (ص ٣٤ - ٣٥).
(٣) ((أضواء على السنة المحمدية)) محمود أبو رية (ص ٣٤ - ٣٥).
(٤) ((أضواء على السنة المحمدية)) محمود أبو رية (ص ٣٤ - ٣٥).
(٥) ((أضواء على السنة المحمدية)) محمود أبو رية (ص ٣٤ - ٣٥).
(٦) ((أضواء على السنة المحمدية)) محمود أبو رية (ص ٣٥).
(٧) ((مجلة الرسالة)) أغسطس ١٩٤٠م مقال السيد رشيد رضا بقلم محمود أبو رية (ص١٣٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>