أتدرون ماذا قال المؤلف بعد أن نقله نقلاً غير ملتزم بألفاظه كما هو شأن علماء الحديث الصالحين أتحسبون الرجل استند إلى ضوء آية قرآنية واحدة في رد الحديث فضلاً عن التزام (الأضواء القرآنية)!! لا لا ليس الأمر كما تحسبون. بل قال "ودلائل الزيف في هذا الحديث وغيره من أحاديث الدجال كلها نقول فيها ما يلي:-
أولاً: إن المسيح الدجال هو كل مبدل وكل ماسخ لجمال الحق ... وأن هذا المسيخ ليس رجلاً واحداً فقط ولكنهم كثيرون وهم عور وغير عور يعيشون معنا وأناس منا وكانوا مع من قبلنا وسيكونون مع من بعدنا وفي كل زمان ومكان .. وليسوا مسيخاً واحداً كما يقول الحديث.
ثانياً: إذا كان المسيخ سيظهر في آخر الزمان فقط .. فمن هو المسيخ الدجال الذي كان سبباً في ظهور الفساد والفتن في عهود الخلفاء وزمن التابعين بل زماننا هذا.
ثالثا: إذا كان المسيخ الدجال رجلاً واحداً ولا يأتي إلا في آخر الزمان فمن أي مسيخ كان يتعوذ النبي صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه والتابعين .. ومن أي مسيخ نتعوذ نحن الآن في نهاية كل صلاة كما علمنا النبي صلى الله عليه وسلم؟؟
رابعا: .. بأي عقل نصدق أن يعطيه الله كل هذه الأسباب ثم يأمرنا بمحاربته أو يلوم أتباعه وقد أعطاه من وسائل الإغراء والإقناع للناس ما لا يعطي الأنبياء والمرسلين.
خامسا: في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول أن المسيخ الدجال رجل أعور وإن ربكم ليس بأعور فكيف يعقل أن تجري هذه الألفاظ على النبي صلى الله عليه وسلم وأن تكون ألفاظه قد وصلت إلى هذا النقص في التعبير عن ذات الله وأن يتكلم عن خالقه بتلك الصورة المذرية الركيكة. سادسا: كيف أنذر نوح قومه من المسيخ الدجال كما يقول الحديث مع أن الأحاديث التي وردت فيه تقول كلها أن المسيخ سيأتي في آخر الزمان" (١).
وليس هدفنا هنا أن نرد على شبهة ونبطلها فليس هذا موضعه وإنما أردنا أن نظهر أسلوبه في النقد وأن أدلته تلك ليست أضواءاً قرآنية كما زعم ولم يستند فيها إلى آية قرآنية بل كلها شبه من فكره ومن مفهومه الضال الذي لم يستند إلى كتاب ولا إلى سنة أيضاً.
وليس هذا الأمر في هذا الحديث فحسب بل هو في كل الأحاديث التي أوردها لم يستدل فيها بآية قرآنية إلا آية تعرض عرضاً في حديثه وليس فيها من معارضة الحديث شيء.
إذن فلا عجب إذا ما أكثر النقل عن محمود أبو رية وعض على أقواله بنواجذه ولا عجب أيضاً إذا ما استند إلى أقوال محمد عبده ورشيد رضا بل إلى مدرسة المنار.
د- في الفقه:
أما فتح باب الاجتهاد وشروطه التي جاءوا بها فقد نفذ منها كل من هب ودب وأفتى في الأحكام الشرعية من غير تردد أو خوف أو وجل، وحكم في قضايا لو عرضت على مالك لقال "لا أدري" ولو عرضت على عمر لجمع لها أهل بدر.
ولا نريد أن نذكر كل ما جرى بعدهم من اجتهادات فقهية خارجة عن نطاق الاجتهاد وحدوده، ولا يصل إلى مرتبته مصدروها – ولكن نقصر الحديث هنا على واحدة من تلك الاتجاهات الفقهية المنحرفة.
(١) ((الأضواء القرآنية في اكتساح الأحاديث الإسرائيلية)) السيد صالح أبو بكر (ص ٢٠٦ – ٢٠٧).