للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كانت دعوة السيد رشيد رضا مغلفة، فقد جاء من أنكر كثيراً مما في الصحيحين من أتباع هذه المدرسة، كأحمد أمين ومحمود أبي رية، مما سنبينه في فصول لاحقة. ولرد هذه الضلالة ننقل بعض أقوال العلماء .. قال الإمام النووي رحمه الله: "اتفق العلماء رحمهم الله على أن أصح الكتب بعد القرآن العزيز الصحيحان البخاري ومسلم، وتلقتهما الأمة بالقبول، وكتاب البخاري أصحهما وأكثرهما فوائد ومعارف ظاهرة وغامضة" (١).وقال ابن تيمية رحمه الله: "فليس تحت أديم السماء كتاب أصح من البخاري ومسلم بعد القرآن" (٢).وقال الدهلوي رحمه الله: "أما الصحيحان فقد اتفق المحدثون على أن جميع ما فيهما من المتصل المرفوع صحيح بالقطع، وأنهما متواتران إلى مصنفيهما، وأن كل من يهون من أمرهما فهو متبع غير سبيل المؤمنين" (٣).

٣ - التشكيك في تدوين الحديث النبوي: زعم هؤلاء جرياً وراء ترهات المستشرقين أن الحديث لم يكتب في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، مما يدعو على التلاعب والفساد، ما قد حصل. ولذا طرأ على السنة من التبديل والزيادة، كما طرأ على أهل الكتاب، لعدم كتابتها في عهده، وعدم حصر الصحابة لها في كتاب معين، وعدم تبليغها للناس بالتواتر، وعدم حفظها لهم جيداً في صدورهم (٤).قال الشيخ محمد أبو زهو: "فهذه الدعوى من الشيخ – يقصد محمد رشيد رضا – عفا الله عنه، لا أساس لها، بل تخالف نصوص القرآن الكريم وتتعارض مع ما تواتر من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم الأمين، ولا تتفق وما أجمع عليه المسلمون في كافة الأزمان من عهد النبي إلى اليوم" (٥).وقال: "الحق أن الصحابة فهموا أن السنة دين عام دائم كالقرآن، وكان هذا أمراً بدهياً عندهم لا يحتاج إلى استدلال، بل هو ضرورة من ضرورات الدين وبدهي عند عامة المسلمين في جميع الأزمان حتى اليوم" (٦).

٤ - تقسيم السنة إلى عملية وغير عملية:


(١) ((شرح النووي على مسلم)) (١/ ١٤).
(٢) ((الفتاوى)) لابن تيمية (١٨/ ٧٤).
(٣) ((حجة الله البالغة)) ولي الله الدهلوي/ تحقيق السيد سابق/ دار الكتب الحديثة/ القاهرة/ ومكتبة المثنى/ بغداد.
(٤) انظر ((مجلة المنار)) المجلد (٩) (ص ٥١٥، ٩١١).
(٥) ((الحديث والمحدثون)) الشيخ محمد أبو زهو (ص٢٤٢، ٢٣٧).
(٦) ((الحديث والمحدثون)): الشيخ محمد أبو زهو (ص ٢٤٢، ٢٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>