للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - الاصطدام مع عباس الثاني فقد كانت في مصر آنذاك سلطتان سلطة الاحتلال وسلطة الخديوية إحداهما مغتصبة والأخرى شرعية تمثلت الأولى في الثعلب العجوز اللورد كرومر والثانية في الخديوي عباس الثاني.

٤ - تبرير وجود المحتل.

٥ - تكوين مدرسة سياسية باسم محمد عبده حيث وجد الاحتلال في محمد عبده وتلاميذه مدرسة سياسية تحقق أغراضه وتنقذ مآربه فرعاها ونماها.

ب) النتائج الفكرية: كان الاستعمار يشعر بتحول المجتمع المسلم نحو الحضارة الغربية وأخذه منها في كل مجال وتقليده لها في كل أمر ولكنه كان يؤمن – في الوقت نفسه بأن الهوة ستبقى قائمة بين الغرب والمسلمين من جهة ولا يؤمن الانتكاس من جهة ثانية طالما أن الإسلام باق على طبيعته وحقيقته لذلك فقد صب جهوداً كبيرة كي يحور ويحول الإسلام من الداخل ليعطي السند الفكري والدعم الديني لمعطيات الحضارة الغربية من ناحية وتناولها دون التحرج من ناحية أخرى، وقد وجد الاستعمار في محمد عبده ضالته التي تحقق له هدفه ذاك في التحويل والتحوير أو قل التي تبدأ له بالخطوة الأولى في ذاك التحويل والتحوير" (١).والدكتور محمد محمد حسين غير مكثر في ميدان الكتابة لكنه رصين الاداء مقتدر في استيفاء جوانب موضوعه ينظر إلى الأمور في عمق كما قال الأستاذ أنور الجندي (٢) وقد كان لدراسته العميقة في دعوة الأفغاني وتلاميذه نتيجة خطيرة توصل إليها حيث يقول "الذي يبدو لي هو أن دعوة الأفغاني التي ربي محمد عبده في أحضانها كان لها – ككل الدعوات السرية – ظاهر وباطن فظاهرها يخاطب الجماهير. وهو يصور ما يريد صاحب الدعوة أن يعرفه جمهور المسلمين مما يعجبهم ويقع من قلوبهم موقع الارتياح والقبول، وباطنها يمثل حقيقتها التي يخفيها أصحابها عن الناس، ولا يكشفون الستر عنها قبل أن تحقق أهدافها بالوصول إلى مركز السلطة ومحمد عبده كان تابعاً لسيده الأفغاني أو خادماً له كما تعود هو نفسه أن يكتب إليه في بعض رسائله والأفغاني كان يريد أن يعيد الدور نفسه الذي لعبه الإسماعيلية من أصحاب الدعوات الباطنية التي تتستر وراء التشيع" (٣).وقال عنهما أي الأفغاني ومحمد عبده "وكانا – ككل الثوار من أصحاب الدعوات السرية – يعلنان ما يحبه الناس ويستهويهم غير ما يبطنان مما ينكره الناس وما يبلغهم مطامعهم" (٤).هذا الرأي ليس رأي رجل خراص وإنما رأي رجل وقف جزءاً كبيراً من نشاطه لدراسة حقيقتهم وجلاء أهدافهم حتى إذا ما وصل إلى درجة كبيرة من ذلك كشف للمسلمين ما توصل إليه مستنداً إلى حقائق ثابتة من أقوالهم أو أفعالهم التي لا تنكر وقد عرفت عنهم واشتهروا بها، وهو حينما يكشف هذا لا يكشفه لحقد أو حسد وإنما يكشفه لغرض إسلامي نبيل هو أن لا تقوم في مجتمعنا أصنام جديدة معبودة لأناس يزعم الزاعمون أنهم معصومون من كل خطأ وأن أعمالهم كلها حسنات لا تقبل القدح والنقد حتى أن المخدوع بهم والمتعصب لهم والمروج لآرائهم ليهيج ويموج إذا وصف أحد الناس إماماً من أئمتهم بالخطأ في رأي من آرائه في الوقت الذي لا يهيجون فيه ولا يموجون حين يوصف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بما لا يقبلون أن يوصف به زعماؤهم المعصومون" (٥).

إذن فنقده نقد عارف مطلع، هدفه الإصلاح، وهذا ما نبحث عنه.


(١) ((الفكر الإسلامي المعاصر)) غازي التوبة انظر الصفحات (٤٤ - ٦٥).
(٢) ((مفكرون وأدباء)) أنور الجندي (ص ٢٦٤).
(٣) ((الإسلام والحضارة الغربية)) محمد حسين (ص ٨٣).
(٤) مجلة ((رسالة الطالب المسلم)) لقاء مع الدكتور محمد محمد حسين (ص ١٠٠) العدد الأول ١٣٩٧ - ١٣٩٨هـ -.
(٥) ((الإسلام والحضارة الغربية)) محمد محمد حسين (ص ٤٩ - ٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>