للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أورد الأستاذ أحمد أمين رحمه الله أمثلة كثيرة لهياج العصبية بين الناس في عهد الدولة الأموية ثم العباسية. وقد قال المأمون في إجابته لرجل من أهل الشام حين طلب إليه الرفق بهم: وأما ربيعة فساخطة على الله منذ بعث نبيه من مضر، ولم يخرج اثنان إلا خرج أحدهما شاربا (١). ومن هنا فإننا لا نوافق على ما قاله فلهوزن مبرئا للخوارج من العصبية، وأنهم كما قال: كانوا حزبا ثوريا يعتصم بالتقوى لم ينشأوا عن عصبية العروبة بل عن الإسلام (٢). ولقد تطورت تلك العصبيات فيما بعد إلى أن كانت من أسباب تقويض ملك بني أمية (٣).ونحب أن نشير هنا إلى أن الخوارج فيما بعد قد انمحت لديهم العصبية القبلية والإقليمية، وحلت محلها العصبية للعقيدة والرأي، كما وقع في حوادث عدة كان الخوارج من القبلية يحاربون إخوانهم المخالفين لهم من نفس القبيلة حربا لا هوادة فيها، كما وقع لبني تميم من محاربة إخوانهم من بني تميم أيضا (٤).وكما نتبين هذا أيضا من استعطاف عتاب بن ورقاء الرياحي للزبير بن علي بن الماحوز رئيس الخوارج الذين حاصروا عتاب بن ورقاء يغادونه القتال ويراوحونه حتى ضاق بهم ذرعا وأيقن بالهلاك، فبعث عتباب بن ورقاء الرياحي إلى الزبير بن علي: أنا ابن عمك ولست أراك تقصد في انصرافك من كل حرب غيري. فبعث إليه الزبير: أن أدني الفاسقين وأبعدهم في الحق سواء (٥).

المصدر:الخوارج تاريخهم وآراؤهم الاعتقادية وموقف الإسلام منها لغالب عواجي– ص١١١


(١) ((ضحى الإسلام)) (١/ ٤٣).
(٢) ((الخوارج والشيعة)) (ص٤١).
(٣) انظر: ((مروج الذهب)) (٣/ ٢٤٤ - ٢٤٦) فقد ذكر أمثلة كثيرة لظهور العصبية بين قبائل مضر واليمن.
(٤) انظر: ((الكامل)) للمبرد (٢/ ٣٢٦).
(٥) انظر: ((شرح نهج البلاغة)) (٤/ ١٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>