للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا يقول عمرو خليفة النامي في مقدمة كتاب (أجوبة ابن خلفون)، فهو يذكر أن مؤسس المذهب الإباضي هو أبو الشعثاء جابر بن زيد الأزدي وهو من أخص تلاميذ ابن عباس. ثم يذكر أن نسبة المذهب الإباضي إلى ابن إباض – وهو تابعي أيضا عاصر معاوية وتوفي في أواخر أيام عبد الملك بن مروان – نسبة عرضية كان سببها بعض المواقف الكلامية والسياسية التي اشتهر بها ابن إباض وتميز بها فنسب المذهب الإباضي إليه، ولم يستعمل الإباضية في تاريخهم المبكر هذه النسبة فكانوا يستعملون عبارة " جماعة المسلمين " أو " أهل الدعوة "، وأول ما ظهر استعمالهم لكلمة الإباضية كان في أواخر القرن الثالث الهجري (١)، حسبما يذهب إليه ابن خلفون. أما فرقة الإباضية نفسها فقد اشتهرت باللين والمسامحة تجاه مخالفيهم وهذا ما يذكره أكثر علماء التاريخ والفرق، ولكن نجد بين العلماء من يذكر خلاف هذا كالملطي فإنه يقول عنهم: " الإباضية أصحاب إباض بن عمرو، خرجوا من سواد الكوفة فقتلوا الناس وسبوا الذرية وقتلوا الأطفال وكفروا الأمة وأفسدوا في العباد والبلاد " (٢).أما الدبسي فهو لا يقل عنه عنفا فقد قال: " الفرقة السادسة من فرق الخوارج: الإباضية، يجب تكفيرهم لأنهم كفروا عليا رضي الله عنه وأكثر الصحابة " (٣). بينما نراهم عند بعض العلماء أهل تواضع فهم " لا يسمون إمامهم أمير المؤمنين ولا أنفسهم مهاجرين " (٤).ونرى أن منهم من يذكر أن قول عبد الله بن إباض هو أقرب الأقاويل إلى السنة (٥)، كما يستفيض النقل عنهم بأن معاملتهم لمخالفيهم تتسم بكثير من التسامح واللين وهكذا. ويقول الأستاذ أبو زهرة: " الإباضية هم أتباع عبد الله بن إباض وهم أكثر الخوارج اعتدالا وأقربهم إلى الجماعة الإسلامية تفكيرا، فهم أبعدهم عن الشطط والغلو، ولذلك بقوا ولهم فقه جيد وفيهم علماء ممتازون (٦). . الخ ".والواقع أن الإباضية شديدو التمسك بمذهبهم يبغضون غيره من المذاهب ويرون أنها كلها باطلة ما عدا مذهبهم، وفي ذلك يقول العيزاني: " الحمد لله الذي جعل الحق مع واحد في الديانات، فنقول معشر الإباضية الوهبية: الحق ما نحن عليه والباطل ما عليه خصومنا، لأن الحق عند الله واحد، ومذهبنا في الفروع صواب يحتمل الخطأ، ومذهب مخالفينا خطأ يحتمل الصدق " (٧).وهذا نموذج ومن أراد الزيادة في هذا فليراجع كتب الإباضية مثل: اللمعة المرضية من أشعة الإباضية، وكتاب (الدليل لأهل العقول)، وكذا مخطوطة المارغيني (٨) .. الخ.

وهذا وقد انقسمت الإباضية إلى فرق منها ما يعترفون بها ومنها ما ينكرونها. وأولى هذه الفروق:


(١) ((أجوبة ابن خلفون)) (ص٩).
(٢) ((التنبيه والرد)) (ص١٦٨).
(٣) ((رسالة الدبسي)) (ص٢٧).
(٤) ((الملل والنحل)) (١/ ١٣٤).
(٥) ((الكامل)) للمبرد (٢/ ١٨٠).
(٦) ((تاريخ المذاهب الإسلامية)) (١/ ٨٥).
(٧) ((الحجة في بيان المحجة)) (ص ٣٧).
(٨) ((اللمعة المرضية من أشعة الإباضية)) (ص ٥٤ – ٦٧)، ((الدليل لأهل العقول)) (ص ٢٢، ٣٥)، و ((مخطوطة المارغيني)) (ص ١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>