للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحفصية: وزعيمهم يسمى حفص بن أبي المقدام وله أقوال تخرجه عن الإسلام: كإنكاره النبوة وإنكاره الجنة والنار واستحلال كثير من المحرمات. وقد أثبت علماء الفرق بأنها أولى فرق الإباضية (١)، ولكن علي يحيى معمر ينفي أن تكون هذه الفرقة من الإباضية أشد النفي بل ويشك فيها وفي وجودها، وينكر أن يكون لهذه الفرقة أو زعيمها ذكر في كتب الإباضية (٢).والفرقة الثانية من الإباضية تسمى اليزيدية نسبة إلى إمامهم المسمى يزيد بن أنيسة أو ابن أبي أنيسة كما يسميه بعضهم. وليزيد هذا من الأقوال ما تخرجه عن الإسلام صراحة، كاعتقاده مجيء رسول غير محمد صلى الله عليه وسلم (٣) وكقوله: إن في هذه الأمة شاهدين عليها هو أحدهما والآخر لا يدري من هو ولا متى هو، ولا يدري لعله قد كان قبله (٤) ... إلى غير هذا من الخلط. ورغم أن علماء الفرق قد قالوا بأن هذه الفرقة من الإباضية إلا أن علي يحيى معمر ينفيها كما نفى الفرقة السابقة وهي الحفصية (٥)، ويستغرب من أبي الحسن كيف نسبها إلى الإباضية مع أنه حكم عليها بالكفر في قوله: " فترك يزيد بن أنيسة شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ودان بشريعة غيرها ".والفرقة الثالثة تسمى الحارثية نسبة إلى حارث بن يزيد الإباضي. وهذه الفرقة تزعم أنه لم يكن لهم إمام بعد المحكمة الأولى إلا عبد الله بن إباض وبعده حارث بن يزيد الإباضي (٦)، ورغم هذا فإن علي يحيى معمر يقول عنه: " وهذا الحارث أيضا لم يحرث عن الإباضية ولم يزرع لا آراء ولا حبوبا ولم يحصد الإباضية عنه أو عن فرقته شيئا إن كان حقا حرث في أي مكان" (٧).والفرقة الرابعة من فرق الإباضية يسميها أصحاب المقالات " أصحاب طاعة لا يراد بها الله؛ وذلك لاعتقادهم بأن الشخص قد يفعل شيئا من أوامر الله دون قصد الله بذلك العمل ولا إرادة له في تنفيذ أمر الله، ولكنه مع هذا يكون مطيعا لله، وهي مسألة تافهة لا يخرج الناظر فيها بفائدة. وهذه الفرقة من الفرق التي تنسب إلى الإباضية حسب ما ذكره الأشعري والبغدادي والشهرستاني والدبس (٨).غير أن علي يحيى معمر الذي نفى تلك الفرق السابقة نفى هذه أيضا ورد على من قال بإدخالها في الإباضية ردا عنيفا، كما في قوله وهو يرد على الأشعري: " ويبدو أن أبا الحسن لم يجد لهذه الفرقة إماما فلم يذكر لها إماما وإنما جاء يسوق أتباعها لها كما يساق القطيع حتى أدخلهم في حظيرة الإباضية وتركهم. . وعلى كل حال فهذه فرقة ليس لها إمام وليس لها اسم وكل ما في الأمر أنه نسب إليها قول يناقض مناقضة كاملة ما عند الإباضية في هذا الموضوع " (٩).

وفيما يتعلق بنفي علي يحيى معمر لصحة انتساب الفرق السابقة إلى الإباضية فإن انحراف زعماء هذه الفرق في آرائهم لا يقوم دليلا قاطعا على عدم انتسابهم إلى الإباضية؛ إذ يجوز أن يكون هؤلاء الزعماء كانوا في صفوف الإباضية ثم انفصلوا عنها بآرائهم الشاذة وبمن شايعهم على تلك الآراء، وتظل نسبتهم إلى الإباضية بعد ذلك ثابتة نظرا لكونهم في صفوف الإباضيين في الأصل.


(١) انظر: ((مقالات الأشعري)) (١/ ١٨٣)، ((الفرق بين الفرق)) (ص١٠٤)، ((الملل والنحل)) (١/ ١٣٥)، ((الفصل)) لابن حزم (٤/ ١٩١).
(٢) ((الإباضية بين الفرق الإسلامية)) (ص٢١).
(٣) ((مقالات الأشعري)) (١/ ١٨٤)، ((الفرق بين الفرق)) (ص٢٧٩)، الملل والنحل (١/ ١٣٦).
(٤) ((الفصل)) لابن حزم (٤/ ١٨٨).
(٥) ((الإباضية بين الفرق)) (ص٢٢).
(٦) ((الفرق بين الفرق)) (ص١٠٥).
(٧) ((الإباضية بين الفرق الإسلامية)) (ص٢٢).
(٨) انظر: ((مقالات الأشعري)) (١/ ١٨٥)، ((الفرق بين الفرق)) (ص١٠٥)، ((الملل والنحل)) (١/ ١٣٥)، ((رسالة الدبس)) (ص٢٨).
(٩) ((الإباضية بين الفرق الإسلامية)) (ص٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>