وهناك ست فرق للإباضية في المغرب، هي: النكار، النفاثية، الخلفية، الحسينية، السكاكية، الفرثية.
الفرقة الأولى: النكار:
وتسمى أيضا النكاث والنجوية والشغبية، ظهرت سنة ١٧١هـ بزعامة أبي قدامة يزيد بن فندين الذي انشق عن الإباضية لسبب سياسي، وذلك أن عبد الرحمن بن رستم حينما أحس بدنو أجله عين لمن يلي الخلافة بعده سبعة أفراد يختار الناس من بينهم من ارتضوه، وكان من بين هؤلاء السبعة ولده عبد الوهاب وأبو قدامة، وبعد الخوض في الموضوع انتخبوا عبد الوهاب، وحين أريد أبو قدامة للمبايعة بايع ولكنه شرط في بيعته قوله: " نبايع على ألا يقضي في شيء دون مشورة جماعة مخصوصة من الناس "، ولكن رد عليه أحد الحاضرين بقوله: " لا نعرف شرطا للبيعة إلا العمل بكتاب الله وسيرة السلف الصالحين ".
ثم أغفل هذا الموضوع وتمت البيعة لعبد الوهاب، إلا أن يزيد بن فندين كان يستثيره التطلع إلى الخلافة والحكم فأعلن أن بيعة عبد الوهاب باطلة لأنه لم ينفذ الشرط الذي اشترطه يزيد وهو استشارة تلك الجماعة، ثم قام بمحاولة انقلاب كان هو نفسه ضحيتها، وقد أوضحنا ذلك عند كلامنا عن دولة الخوارج بالمغرب.
ثم تزعم النكار بعده رجل يسمى أبا معروف شعيب بن معروف ومن هنا أخذت حركة النكار في التوسع إلى أن قضى عليها العبيديون في حروب طاحنة، ومن أهم مبادئها أنه لا تصح إمامة المفضول مع وجود الأفضل منه، وأنه يصح الاشتراط عند مبايعة الحاكم وإذا خالف تلك الشروط بطلت بيعته. ولهذا فهم يبررون خروجهم على عبد الوهاب بأنه لم يف بتلك الشروط التي اشترطوها حين البيعة.
وقد كفرهم المارغيني وذكر عددا من رجالاتهم بقوله: " قالت المشائخ بتكفير النكار الفرقة الملحدة في الأسماء، وأولهم عبد الله بن يزيد الفزاري، وعبد الله بن عبد العزيز، وأبو المؤرخ عمرو بن محمد السدومي، وشعيب بن معروف، وحاتم بن منصور، ويزيد بن فندين، وأبو المتوكل ". ثم استرسل في ذكر كثير من آرائهم التي نقمها عليهم وإن لم يذكر منها شيئا صالحا لتبرير ما ذهب إليه في تكفيرهم.
ويقول أبو إسحاق أطفيش: إنهم سموا نكاثا لنكثهم بيعة الإمام عبد الوهاب، وسموا نجوية لكثرة تناجيهم ليلة تآمرهم على قتل الإمام.
ولمزيد من الإيضاح لتلك الوقائع المؤلمة بين ابن فندين والإمام عبد الوهاب ارجع إلى " الأزهار الرياضية "، فقد توسع كثيرا في هذا الموضوع، ولترى الحيلة التي دبرها ابن فندين وأتباعه لاغتيال عبد الوهاب، وكيف نجا منها، وهي حيلة إن صحت فهي أشبه ما تكون بحيل الصبيان السذج.
الفرقة الثانية: النفاثية:
هذه الفرقة تنسب إلى رجل يسمى فرجان نصر النفوسي ويعرف بنفاث، وسماه المارغيني نفاث بن نصر النفوسي ويوصف بأنه كان على جانب كبير من الذكاء والفهم العجيب، وكانت نفسه ميالة إلى أن يتولى منصبا كبيرا في دولة إمام الإباضية أفلح بن عبد الوهاب وبالذات ولاية فنطرار المنطقة التي يعيش فيها فرجان، وحين خاب أمله أخذ في انتقاد الإمام أفلح علنا، فكتب الإمام إلى أهل مملكته بمقاطعته وهجره، وحين ضاقت على فرجان السبل ذهب إلى بغداد وأقام مدة ولكنه لم يطب له المقام فرجع إلى بلده، وهنا تختلف الرواية عنه فبعضهم يرى أنه تاب وبعضهم يرى أنه كان يعمل في السر ضد أفلح.
وأهم ما أثاره من آراء:
أنه أنكر الخطبة في الجمعة وقال إنها بدعة.
وأنكر إرسال الإمام الجباة لأخذ الزكاة.
وأنه يرى أن ابن الأخ الشقيق أحق بالميراث من الأخ لأب.
وأن بيع المضطر بالجوع لا ينفذ.
وهناك انتقادات على أفلح بخصوصه وهي انتقادات شخصية، وقد كفرهم المارغيني بعد أن ذكر غير هذه الأقوال.
الفرقة الثالثة: الخلفية: