للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخيرا كان خروج عبد الله بن يحيى الملقب "بطالب الحق" سنة ١٢٨هـ، وقتل سنة ١٣٠هـ، وهو من حضرموت، كان مشهورا بأنه من العباد المجتهدين وكان السبب في ظهوره هو أبا حمزة الشاري، فقد كان أبو حمزة يحج في كل سنة ويدعو من يتوسم فيه الإجابة إلى خلاف مروان بن محمد والخروج عليه، وكان ممن التقى بهم طالب الحق فدعاه إلى رأيه وحسن له الخروج على مروان، فقال له عبد الله بن يحيى: "يا رجل أسمع كلاما حسنا وأراك تدعو إلى حق، فانطلق معي فإني رجل مطاع في قومي"، فخرج معه إلى حضرموت وهناك بايعه أبو حمزة على الخلافة وعلى الخروج على مروان، فكتب إلى علماء البصرة من الإباضية يشاورهم في الخروج فكتبوا إليه: إن استطعت أن لا تقيم يوما واحدا فافعل فإن المبادرة بالعمل الصالح أفضل، ولست تدري متى يأتي عليك أجلك، ولله خيرة من عباده يبعثهم إذا من لنصرة دينه، ويخص بالشهادة منهم من يشاء. وهنا عزم على الخروج وبدأ في التوسع، فأخذ منطقة حضرموت وامتد سلطانه إلى صنعاء، حين سار إليها في ألفين، فقابله عامل مروان على صنعاء القاسم بن عمر في مكان يسمى لحج، ودارت بينهم معركة انتصر فيها الخوارج، وواصلوا زحفهم إلى صنعاء، فمكث فيها طالب الحق شهرا يحسن السيرة في أهلها، وألان جانبه لهم فكثر أتباعه ووافاه الخوارج من كل مكان وبسط سيطرته على تلك المناطق، فبعث إليه مروان بن محمد عبد الملك بن محمد بن عطية السعدي، فالتقى هو وطالب الحق فدارت معركة قتل فيها طالب الحق وحمل رأسه إلى مروان بالشام سنة ١٣٠هـ (١).

وكان هذا هو آخر عهد بني أمية بالخوارج حيث انتهت دولتهم في عام ١٣٢هـ بقيام الدولة العباسية.

المصدر:الخوارج تاريخهم وآراؤهم الاعتقادية وموقف الإسلام منها لغالب عواجي– ص١٢٩


(١) ([٨٢٩٨]) انظر: ((كشف الغمة)) (ص٣٠٧ – ٣١٤)، ((تاريخ الطبري)) (٧/ ٣٤٨، ٤٠٠)، و ((الكامل)) لابن الأثير (٥/ ٣٥١، ٣٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>